قال شهابُ الدِّين :« قوله :» وحُقًّ لهُمَا أنْ يَذْهَلا « تحامل على هذين الرجلين، وموضعهما من العلم معروفٌ، وأمَّا قوله :» إنَّ الظرف المقطوع لا يقعُ خبراً «، فمسلَّم، قالوا : لأنَّه لا يفيد، وما لا يفيد، لا يقع خبراً، ولذا لا يقع صفة، ولا صلة، ولا حالاً والآية الكريمةُ من هذا القبيل لو قلت :» جاء الذي قبل « أو » مررت برجل قبل « لم يجز لما ذكرت.
ولقائلٍ أن يقول : إنَّما امتنع ذلك؛ لعدم الفائدة، وعدم الفائدة لعدم العلم بالمضافِ إليه المحذوف، فينبغي إذا كان المضاف إليه معلوماً مدلولاً عليه أن يقع ذلك الظَّرف المضاف إلى ذلك المحذوف خبراً، وصفة، وصلة، وحالاً والآية الكريمة من هذا القبيل، أعني ممَّا علم فيه المضاف إليه كما مرَّ تقريره »
.
ثمَّ هذا الرَّد الذي ردّ به أبو حيَّان سبقه إليه أبو البقاءِ، فقال :« وهذا ضعيف؛ لأن » قَبْل « إذا وقعت خبراً أو صلة لا تقطع عن الإضافة لئلا تبقى ناقصة ».
الثالث : أنها مصدرية أيضاً، في محل رفع بالابتداء، والخبر هو قوله « فِي يُوسفَ » أي : وتفريطكم كائن، أو مستقر في يوسف، وإلى هذا ذهب الفارسي كأنه استشعر أن الظرف المقطوع لا يقعُ خبراً؛ فعدل إلى هذا، وفيه نظر؛ لأنَّ السِّياق، والمعنى يجريان إلى تعلق :« فِي يُوسفَ » ب « فَرَّطْتُمْ »، فالقولُ بما قاله الفارسي يؤدِّي إلى تهيئة العامل [ للعمل ]، وقطعه عنه.
الرابع : أنَّها مصدرية أيضاً، ولكن محلها النَّصب على أنَّها منسوقة على « إنَّ أباكُمْ قد أخَذَ » أي : ألم تعلموا أخذ أبيكم الميثاق، وتفريطكم في يوسف.
قال الزمخشري :« كأنه قيل : ألم تعلموا أخذ أبيكم عليكم موثقاً، وتفريطكم من قبل في يوسف » وإلى هذا ذهب ابن عطية أيضاً.
قال أبو حيَّان :« وهذا الذي ذهبا إليه ليس بجيِّد؛ لأنَّ فيه الفصل بالجار والمجرور بين حرف العطف الذي هو حرفٍ واحدٍ، وبين المعطوف؛ فصار نظير : ضَربْتُ زيداً، وبِسَيفٍ عمراً، وقد زعم الفارسيُّ أنه لا يجوز ذلك إلاَّ في ضرورة الشِّعر ».


الصفحة التالية
Icon