القيد الثامن : قوله تعالى :﴿ وَأَنْفَقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّاً وَعَلاَنِيَةً ﴾ قال الحسنُ رضي اكلله عنه : المراد الزكاة المفروضة فِإن لم يتَّهم بتركها أدَّاهَا سرًّا، وإن اتهم بتركها فالأولى أداؤها في العلانية. وقيل : السرُّ : ما يؤديه بنفسه، والعلانية : ما يؤديه إلى الإمام.
وقيل : العلانية : الزكاة، والسر : صدقة التَّطوع.
القيد التاسع : قوله تعالى :﴿ وَيَدْرَءُونَ بالحسنة السيئة ﴾ قيل : إذا أتوا المعصية، درءوها، أو دفعوها بالحسنة.
قال ابن عباس رضي الله عنهما :« يدفعون بالصَّالح من العمل السيّىء من العمل، وهو معنى قوله تعالى :﴿ إِنَّ الحسنات يُذْهِبْنَ السيئات ﴾ [ هود : ١٤ ].
وقال صلوات الله وسلامه عليه لمعاذ بن جبلٍ رضي الله عنه :» إذا عَملْتَ سَيِّئةً فاعْمَلْ بِجَنْبهَا حَسَنةً تَمْحُهَا، السِّرُّ بالسِّرِّ، والعَلانيةُ بالعَلانِيَة «.
وقيل : لا تقابلوا الشَّر بالشَّر، بل قابلوا الشَّر بالخير، كما قال تعالى :﴿ وَإِذَا مَرُّواْ بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِراماً ﴾ [ الفرقان : ٧٢ ] ﴿ وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الجَاهِلُونَ قَالُواْ سَلاَماً ﴾ [ الفرقان : ٦٣ ] قال الحسن : إذا حرموا أعطوا، وإذا ظلموا عفوا، وإذا قطعوا وصلوا.
قال عبدالله بن المبارك رضي الله عنه :» فهذه ثماني خلال مشيرة إلى ثمانية أبواب الجنَّة «.
واعلم أنَّ هذه القيود هي القيودُ المذكورة في الشَّرط، وأمَّا القيودُ المذكورة في الجزاء، فهي قوله تعالى :﴿ أولئك لَهُمْ عقبى الدار ﴾، أي عاقبة الدار، وهي الجنَّة.
قال الواحديُّ :» العُقْبَى كالعاقبة، ويجوز أن يكون مصدراً كالشُّورى والقُربى والرُّجعى، وقد يجيء مثل هذا أيضاً على « فَعْلَى » كالنَّجْوى والدَّعوى وعلى « فِعْلَى » كالذِّكرى والضِّيزى، ويجوز أن يكون اسماً وهو هاهنا مصدر مضاف إلى الفاعل، والمعنى : أولئك لهم أن تعاقب أحوالهم الدار التي هي الجنة «.
قوله :» أؤْلئِكَ « مبتدأ، و » عُقْبَى الدَّارِ « يجوز أن يكون مبتدأ خبره الجار قبله والجملة خبر » أوْلئِكَ «، يجوز أن يكون » لهم « خبر » أولئك « و » عقبى « فاعل بالاستقرار. قوله :» جنات عدن « يجوز أن يكون بدلاً من » عُقْبَى « وأن يكون بياناً، وأن يكون خبر مبتدأ مضمر، وأن يكون متبدأ خبره » يَدْخُلونهَا «.
وقرأ النخعي :» جَنَّة « بالإفراد، وتقدم الخلاف في ﴿ يَدْخُلُونَهَا ﴾ [ الرعد : ١٣ ] والجملة من » يَدْخُلونَهَا « تحتمل الاستئناف أو الحالية المقدرة.
قوله :» ومَنْ صَلَحَ « يجوز أن يكون مرفوعاً عطفاً على الواو، وأغنى الفصل بالمفعول عن التأكيد بالضمير المنفصل، وأن يكون منصوباً على المفعول معه، وهو مرجوح.
وقرأ ابن أبي عبلة » صَلُحَ « بضم اللام، وهي لغة مرجوحة.
قوله :﴿ مِنْ آبَائِهِمْ ﴾ في محل الحال من » مَنْ صَلَحَ « و » مِنْ « لبيان الجنس.