﴿ قُلِ ادعوا الله أَوِ ادعوا الرحمن أَيّاً مَّا تَدْعُواْ فَلَهُ الأسمآء الحسنى ﴾ [ الإسراء : ١١٠ ]
وروى الضحاك عن ابن عباس : أنها نزلت في كفار قريش حين قال لهم النبي ﷺ وشرف وكرم وبجل وعظم :« اسجدوا للرحمن »، قالوا : وما الرحمن؟ قال الله تعالى :« قل لهم يا محمد إن الرحمن الذي أنكرتم معرفته هو ربي لا إله إلا هو عليه توكلت » اعتمدت « وإليه متاب » أي : توبتي ومرجعي.
فصل
اعلم أن قوله ﴿ يَكْفُرُونَ بالرحمن ﴾ أنا إن حملناه على هذه الروايات كان معناه : يكفرون بإطلاق هذا الاسم على الله تعالى لا أنهم كفروا بالله تعالى وقال آخرون : بل كفروا بالله إما جحداً له، وإما لإثباتهم الشركاء معه. قال القاضي : وهذا القول أليق بالظاهر؛ لأن قوله تعالى ﴿ وَهُمْ يَكْفُرُونَ بالرحمن ﴾ يقتضي أنهم كفروا بالله وهو المفهوم به فكان المفهوم هو دون اسمه تعالى.
قوله :﴿ وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً سُيِّرَتْ بِهِ الجبال ﴾ [ الرعد : ٣١ ] نزلت في نفر من مشركي مكة منهم : أبو جهل بن هشام وعبدالله بن أمية المخزومي جلسوا في فناء الكعبة فأتاهم رسول الله ﷺ وعرض عليهم الإسلام، فقال عبدالله بن أمية المخزومي : إن سرك أن نتبعك فسيِّر لنا جبال مكة بالقرآن فأذهبها حتى تنفسح علنيا فإنها أرض ضيقة لمزارعنا، واجعل لنا فيها عيوناً وأنهاراً لنغرس الأشجار ونزرع، فلست كما زعمت بأهون على ربك من داود حيث سخر له الجبال تسبح معه، أو [ سخر لنا الريح، فنركبها إلى الشام والبلاد لميرتنا وحوائجنا، ونرجع في يومنا؛ فقد ] سخر ا لريح لسليمان صلوات الله وسلامه عليه كما زعمت فلست على ربك بأهون من سليمان، أو أحْي لنا جدك قصي، أو من شئت من موتانا نسأله عن أمرك، أحق ما تقول أوة باطل فقد كان عيسى يحيي الموتى، ولست بأهون على الله منه، فأنزل الله تعالى ﴿ وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً سُيِّرَتْ بِهِ الجبال أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الأرض ﴾ [ الرعد : ٣١ ] أي : شققت فجلعت أنهاراً وعيوناً ﴿ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الموتى ﴾ [ الرعد : ٣١ ].