وأن يكون مبتدأ، وما قبله الخبر، والجملة صلة ل « مَنْ ».
والمراد بمن عنده علم الكتاب : ابن سلام، أو جبريل ﷺ.
قال ابن عطية :« ويعترض هذا القول بأن فيه عطف الصفة على الموصوف ولا يجوز وإنما يعطف الصفات ».
فاعترض أبو حيان عليه : بأن « مَنْ » لا يوصف بها ولا يغيرها من الموصولات إلا ما استثني، وبأن عطف الصفات بعضها على بعض لا يجوز إلا بشرط الاختلاف.
قال شهاب الدين : نما عنى ابن عطية الوصف المعنوي لا الصناعي، أما شرط الاختلاف فمعلوم.
وقرأ أبيّ وعلي وابن عباس وعكرمة وعبدالرحمن بن أبي بكرة والضحاك وابن أبي إسحاق ومجاهد رضوان الله عليهم في خلق كثير ﴿ وَمَنْ عِندَهُ عِلْمُ الكتاب ﴾ جعلوا « من » حرف جر، و « عنده » مجرور بها، وهذا الجار خبر مقدم، و « عِلْمُ » مبتدأ مؤخر، و « منْط لابتداء الغاية أي : ومن عند الله حصل علم الكتاب.
وقرأ علي أيضاً والحسن وابن السميفع ﴿ وَمَنْ عِندَهُ عِلْمُ الكتاب ﴾ يحعلون »
من « جارة، و » عُلِمَ « مبنياً للمعفول و » الكِتابُ « رفع بهن. وقرىء كذلك؛ إلا أنه بتشديد » عُلِّمِ « والضمير في » عِنْده « على هذه القراءات لله تعالى فقط.
وقرىء أيضاً :»
وبِمَن « بأعادة الباء الداخلة على » مَنْ « عطفاتً على [ » باللهِ « ].

فصل


على هذه القراءة الأولى المراد : شهادة مؤمني أهل الكتاب، كعبد الله بن سلام وسلمان الفارسي وتميم الداري. وقال أبو البشر : قلت لسعيد بن جبير :﴿ وَمَنْ عِندَهُ عِلْمُ الكتاب ﴾ أهو عبد الله بن سلام؟، فقال : وكيف يكون عبدالله بن سلام وهذه السورة مكية، وهو ممن آمنوا بالمدينة بعد الهجرة؟.
وأجيب : بأن هذه السورة وإن كانت مكية إلا إن هذه الآية مدنية.
ويعترض هذا أيضاً : بأن إثبات النبوة بقول الواحد والاثنين مع كونهما غير معصومين لا يجوز.
وقال الحسن ومجاهد وسعيد بن جبير والزجاج ﴿ وَمَنْ عِندَهُ عِلْمُ الكتاب ﴾ هو الله سبحانه وتعالى.
وقال الأصم :﴿ وَمَنْ عِندَهُ عِلْمُ الكتاب ﴾ أي : ومن عنده علم القرآن.
والمعنى : أن الكتاب الذي جئتكم به معجز قاهر، إلا أنه لا يحصل العلم بكونه معجزاً إلا لمن علم ما فيه من الفصاحة والبلاغة واشتماله على الغيوب وعلى العلوم الكثيرة فمن عرف هذا الكتاب من هذا الوجه دل على كونه معجزاً.
وقيل :﴿ وَمَنْ عِندَهُ عِلْمُ الكتاب ﴾ أي : الذي حصل عنده علم التوارة والإنجيل يعني كل من كان عالماً بهذين الكتابين علم اشتمالهما على البشارة بمقدم محمد صلوات الله وسلامه عليه فإذا انصف ذلك العالم ولم يكذبه كان ذلك شاهداً على أن محمداً رسول حق من عند الله صلوات الله وسلامه عليه.


الصفحة التالية
Icon