فقال : و « مِنْ قَبْلُ » متعلق ب « أشْرَكْتمُونِي »، أي : كفرت الآن بما أشركتموني من قبل.
وقيل : هي متعلقة ب « كَفرْتُ » أي : كفرت من قبل إشراككم، فلا أنفعكم شيئاً.
وقرأ ابو عمرو بإثبات الياء في « أشْرَكْتمُونِي » وصلاً، وحذفها وقفاً، وحذفها الباقون وصلاً ووقفاً، وهنا تم كلام الشيطان.
وقوله ﴿ إِنَّ الظالمين ﴾ من كلام الله تعالى، ويجوز أن يكون من كلام الشيطان.
و « عَذابٌ » يجوز رفعه بالجار قبله على أنَّه الخبر، وعلى الابتداء وخبره الجار.
قوله تعالى :﴿ وَأُدْخِلَ الذين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات ﴾ الآية لما شرح حال الأشقياء شرح أحوال السُّعداءِ فقال، عزَّ وجلَّ ﴿ وَأُدْخِلَ الذين آمَنُواْ ﴾ قرأ العامة « أدْخِلَ » ماضياً مبنياً للمفعول، والفاعل الله أو الملائكة.
وقرأ الحسن وعمرو بن عبيد :« أدخلُ » مضارعاً مستنداً للمتكلم وهو الله تعالى فمحل الموصول على الأولى رفع، وعلى الثانية نصبٌ.
قوله :﴿ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ ﴾ في قراءة العامة يتعلق ب « أدْخِلَ » أي : أدخلوا بأمره، وتيسيره.
ويجوز تعلقه بمحذوف على أنَّه حال، أي : ملتبسين بأمر ربهم.
وجوز أبو البقاء ِأن يكون من تمام :« خَالِدينَ » يعني : أنه متعلق به، وليس بممتنع، وكذا على قراءة الشَّيخين.
فقال الزمخشريُّ : فإن قلت :« فَبِمَ يتعلَّق في القراءةِ الأخرى، وقولك : وأدخل أنا بإذن ربهم كلام غير ملتئم؟.
قلت : الوجه في هذه القراءة أنَّه يتعلق بما بعده، أي : تحيتهم فيها سلام بإذنِ ربهم ».
ورد عليه أبو حيَّان هذا بأنه لا يتقدم معمول المصدر عليه.
وقد علقه غير الزمخشريِّ ب « أدْخِلَ »، ولا تنافر في ذلك؛ لأنَّ كلَّ أحد يعلم أنَّ المتكلم في قوله :« وأدْخِلَ » أنه هو الله تعالى.
وأحسن من هذين أن يتعلق بما بعده، أي : تحيتهم فيها سلامٌ بإن ربهم ورد في هذه القراءة بمحذوف على أنَّه حال كما تقدَّم تقديره.
و « تَحِيَّتُهُمْ » مصدر مضاف لمفعوله، أي : يحييهم الله تعالى، أو ملائكته، ويجوزم أن يكون مضافاً لفاعله، أي : يحيى بعضهم بعضاً.
ويعضد الأول ﴿ وَالمَلاَئِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِّن كُلِّ بَابٍ سَلاَمٌ عَلَيْكُم ﴾ [ الرعد : ٢٣، ٢٤ ] و ﴿ فِيهَا ﴾ متعلق به.
فصل
أعلم أنَّ الثَّواب منفعة خالصة دائمة مقرونة بالتعظيم، فأشار بقوله تعالى :﴿ وَأُدْخِلَ الذين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأنهار ﴾ إلى المنفعة الخالصة واشار بقوله :﴿ خَالِدِينَ فِيهَا ﴾ إلى دوامها، وأشار إلى كونها مقرونة بالتعظيم بقوله ﴿ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ ﴾ أي : بإذن الله وأمره، وبقوله عزَّ وجلَّ ﴿ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلاَمٌ ﴾ [ يونس : ١٠ ] أي : أنهم يحيى بعضهم بعضاً بهذه الكلمة، أو الملائكة يحيونهم بها، كما قال تعالى :﴿ وَالمَلاَئِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِّن كُلِّ بَابٍ سَلاَمٌ عَلَيْكُم ﴾ [ الرعد : ٢٣، ٢٤ ] والرَّب الرحيم أيضاً يحييهم [ بهذه الكلمة ] ﴿ سَلاَمٌ قَوْلاً مِّن رَّبٍّ رَّحِيمٍ ﴾ [ يس : ٥٨ ] والسلام مشتقش من السلامة، أي : أنهم سلموا من آفات الدنيا آمنوا من أمرضها وأسقامها.