وقيل : إنَّ الله حرَّم على عباده أن يقربوه الدماء، والأقذار وغيرها.
قوله :« لِيُقِيمُوا » : يجوز أن تكون هذه اللام لام الأمر، وأن تكون لام علة، وفي متعلقها حينئذ [ وجهان ] :
أحدهما : أنها متعلقة ب « أسْكَنْتُ » وهو ظاهنر، ويكون النداء معترضاً.
الثاني : أنَّها متعلقة ب « ألأجْنُبْنِي » أي : أجنبهم الأصنام. ليقيموا. وفيه بعد.
قوله :﴿ اجعل أَفْئِدَةً مِّنَ الناس ﴾ العامة على :« أفْئِدةً » جمع فؤاد، ك « غُرَاب وأغْرِبَة » وقرأ هشام عن بان عامر بياء بعد الهمزة، فقيل : إشباع؛ كقوله :[ الطويل ]

٣٢٢٧........................ يُحِبَّكَ عَظْمٌ فِي التُّرابِ تَرِيبُ
أي : ترب؛ وكقوله :[ الرجز ]
٣٢٢٨ أعُوذُ باللهِ مِنَ العَقْرَابِ الشَّائلاتِ عُقدَ الأذْنَابِ
وقد طعن جماعة على هذه القراءة، وقالوا : الإشباعُ من ضرائر الشعر، فكيف يجعل في أفصح الكلام؟.
وزعم بعضهم : أنَّ هشاماً إنَّما قرأ بتسهيل الهمزة بين بين فظنها الراوي [ أنها زائدة ] ياء بعد الهمزة، قال : كما توهم عن أبي عمرو اختلاسه في :« بَارِئكُمْ »، و « يَأمُرُكمْ » أنه سكن.
وهذا ليس بشيءٍ، فإنَّ الرُّواة أجلُّ من هذا.
وقرأ زيد بنُ عليِّ :« إفادة » بزنة « رِفادة »، وفيها وجهان :
أحدهما : أن يكون مصدراً ل « أفَادَ » ك « أقَامَ إقَامَة » أي : ذوي إفادَةِ، وهم النَّاس الذين ينتفع بهم.
والثاني : أن يكون أصلها :« وفَادة » فأبدلت الواو همزة، نحو إشاح وإعَاء.
وقرأت أم الهيثم :« أفْوِدَة » بكسر الواو وفيها وجهان :
أحدهما : أن يكون جمع :« فُؤاد » المُسَهَّل وذلك أنَّ الهمزة المفتوحة المضموم ما قبلها يطرد قبلها واواً، نحو « جُون » ففعل في :« فُؤاد » المفرد ذلك فأقرت في الجمع على حالها.
والثاني : قال صاحب اللَّوامح رحمه الله : هي جمع « وَفْد ».
قال شهاب الدين :« فكان ينبغكمي أن يكون اللفظ » أوْفِدَة « يتقدم الواو؛ إلا أن يقال : إنه جمع » وَفْداً « على » أوْفِدَة «، ثم قبله فوزنه » أعْفِلَة « كقولهم : آرام » في « أرْآم » وبابه، إلاَّ أنَّه جمع « فَعْل » على « أفْعِلَة » نحو :« نَجْد وأنْجِدَة » و « وَهْي وأوْهِيَة » وأم الهيثم امرأة نقل عنها شيء من اللغةِ.
وقرىء « آفِدة » بزنة ضاربة وهو يحتمل وجهين :
أحدهما : أن تكون مقلوبة من « أَفْئِدَة » بتقديم الهمزة على الفاء، فقلبت الهمزة ألفاً فوزنه :« أعْفِلَة » ك « آرام » في « أرآم ».


الصفحة التالية
Icon