وأخرج عبد الرزاق عن عبيدة قال : أوّل ما قضي أنه لا يرث القاتل في صاحب بني إسرائيل.
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن سيرين قال : أوّل ما منع القاتل الميراث لكان صاحب البقرة.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال : إن شيخاً من بني إسرائيل على عهد موسى كان مكثراً من المال، وكان بنو أخيه فقراء لا مال لهم، وكان الشيخ لا ولد له، وكان بنو أخيه ورثته فقالوا : ليت عمنا قد مات فورثنا ماله، وأنه لما تطاول عليهم أن لا يموت أتاهم الشيطان فقال : هل لكم إلى أن تقتلوا عمكم وتغرموا أهل المدينة التي لستم بها ديته، وذلك أنهما كانتا مدينتين كانوا في إحداهما، وكان القتيل إذ قتل فطرح بين المدينتين قيس ما بين القتيل والقريتين فأيتهما كانت أقرب إليه غرمت الدية، وأنهم لما سوّل لهم الشيطان ذلك عمدوا إليه فقتلوه، ثم طرحوه على باب المدينة التي ليسوا بها، فلما أصبح أهل المدينة جاء بنو أخي الشيخ فقالوا : عمنا قتل على باب مدينتكم، فوالله لتغرمنَّ لنا ديته. قال : أهل المدينة نقسم بالله ما قتلنا، ولا علمنا قاتلاً، ولا فتحنا باب مدينتنا منذ أغلق حتى أصبحنا، فعمدوا إلى موسى، فجاءه جبريل فقال : قل لهم ﴿ إن الله يأمركم أن تذبجوا بقرة ﴾ فتضربوه ببعضها.
وأخرج سفيان بن عيينة عن عكرمة قال : كان لبني إسرائيل مسجد له اثنا عشر باباً، لكل سبط منهم باب يدخلون منه ويخرجون، فوجد قتيل على باب سبط من الأسباط قتل على باب سبط وجر إلى باب سبط آخر، فاختصم فيه أهل السبطين. فقال هؤلاء : أنتم قتلتم هذا، وقال الآخرون : بل أنتم قتلتموه، ثم جررتموه إلينا. فاختصموا إلى موسى فقال ﴿ إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة... ﴾ الآية. ﴿ قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما هي قال إنه يقول إنها بقرة لا فارض ولا بكر عوان بين ذلك ﴾ قال : فذهبوا يطلبونها فكأنها تعذرت عليهم، فرجعوا إلى موسى فقالوا ﴿ ادع لنا ربك يبين لنا ما هي... وإنا إن شاء الله لمهتدون ﴾ ولولا أنهم قالوا إن شاء الله ما وجدوها ﴿ قال : إنه يقول إنها بقرة لا ذلول ﴾ ألا وإنما كانت البقرة يومئذ بثلاثة دنانير، ولو أنهم أخذوا أدنى بقرهم فذبحوها كفتهم ولكنهم شددوا فشدد الله عليهم.
فذهبوا يطلبونها فيجدون هذه الصفة عند رجل فقالوا : تبيعنا هذه البقرة؟ قال : أبيعها. قالوا : بكم تبيعها؟ قال : بمائة دينار. فقالوا : إنها بقرة بثلاثة دنانير! فابوا أن يأخذوها، فرجعوا إلى موسى فقالوا : وجدناها عند رجل فقال لا أنقصكم عن مائة دينار، وإنها بقرة بثلاثة دنانير.


الصفحة التالية
Icon