وأخرج ابن إسحق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو نعيم في الدلائل عن ابن عباس. أن يهود كانوا يستفتحون على الأوس والخزرج برسول الله ﷺ قبل مبعثه، فلما بعثه الله من العرب كفروا به وجحدوا ما كانوا يقولون فيه، فقال لهم معاذ بن جبل، وبشر بن البراء، وداود بن سلمة : يا معشر يهود اتقوا الله وأسلموا، فقد كنتم تستفتحون علينا بمحمد ونحن أهل شرك، وتخبرونا بأنه مبعوث، وتصفونه بصفته. فقال سلام بن مشكم أحد بني النضير : ما جاءنا بشيء نعرفه، وما هو بالذي كنا نذكر لكم، فأنزل الله ﴿ ولما جاءهم كتاب من عند الله... ﴾ الآية.
وأخرج أحمد وابن قانع والطبراني والحاكم وصححه وأبو نعيم والبيهقي كلاهما في الدلائل عن سلمة بن سلامة وقش وكان من أهل بدر قال : كان لنا جار يهودي في بني عبد الأشهل، فخرج علينا يوماً من بيته قبل مبعث رسول الله ﷺ بيسير حتى وقف على مجلس بني الأشهل، قال سلمة : وأنا يومئذ أحدث من فيه سناً، عليّ بردة مضطجعاً فيها بفناء أهلي، فذكر البعث والقيامة والحساب والميزان والجنة والنار، قال : ذلك لأهل شرك أصحاب أوثان لا يرون أن بعثاً كائن بعد الموت. فقالوا له : ويحك يا فلان.. ! ترى هذا كائناً أن الناس يبعثون بعد موتهم إلى دار فيها جنة ونار يجزون فيها بأعمالهم؟ فقال : نعم، والذي يحلف به يودّ أن له بحظه من تلك النار أعظم تنور في الدنيا يحمونه ثم يدخلونه إياه فيطينونه عليه وأن ينجو من تلك النار غداً. قالوا له : ويحك وما آية ذلك؟! قال : نبي يبعث من نحو هذه البلاد، وأشار بيده نحو مكة واليمن. فقالوا : ومتى نراه؟ قال : فنظر إليّ من أحدثهم سناً أن يستنفذ هذا الغلام عمره يدركه، قال سلمة : فوالله ما ذهب الليل والنهار حتى بعث الله رسوله ﷺ وهو بين أظهرنا، فآمنا به وكفر به بغياً وحسداً، فقلنا ويلك يا فلان ألست بالذي قلت لنا؟! قال : بلى، وليس به.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس ﴿ وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا ﴾ يقول يستنصرون بخروج محمد على مشركي العرب يعني بذلك أهل الكتاب، فلما بعث الله محمداً ورأوه من غيرهم كفروا به وحسدوه.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن سعيد بن جبير في قوله ﴿ فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به ﴾ قال : نزلت في اليهود عرفوا محمداً أنه نبي وكفروا به.