وأخرج سفيان بن عيينة عن عكرمة قال « كان عمر يأتي يهود يكلمهم فقالوا : إنه ليس من أصحابك أحد أكثر إتياناً إلينا منك، فأخبرنا من صاحب صاحبك الذي يأتيه بالوحي؟ فقال : جبريل. قالوا : ذاك عدونا من الملائكة، ولو أن صاحبه صاحب صاحبنا لاتبعناه، فقال عمر : من صاحب صاحبكم؟ قالوا : ميكائيل. قال : وما هما؟ قالوا : أما جبريل فينزل بالعذاب والنقمة وأما ميكائيل فينزل بالغيث والرحمة وأحدهما عدو لصاحبه. فقال عمر. وما منزلتهما؟ قالوا : إنهما من أقرب الملائكة منه أحدهما عن يمينه وكلتا يديه يمين والآخر على الشق الآخر. فقال عمر : لئن كانا كما تقولون ما هما بعدوّين، ثم خرج من عندهم فمر بالنبي ﷺ فدعاه فقرأ عليه ﴿ من كان عدوّاً لجبريل... ﴾ الآية. فقال عمر : والذي بعثك بالحق أنه الذي خاصمتهم به آنفاً.
وأخرج ابن جرير عن قتادة قال : ذكر لنا عمر بن الخطاب انطلق ذات يوم إلى اليهود، فلما أبصروه رحبوا به فقال عمر : والله ما جئت لحبكم ولا للرغبة فيكم ولكني جئت لأسمع منكم، وسألوه فقالوا : من صاحب صاحبكم؟ فقال لهم : جبريل، قالوا : ذاك عدوّنا من الملائكة يطلع محمداً على سرنا، وإذا جاء، جاء بالحرب والسنة ولكن صاحبنا ميكائيل، وإذا جاء جاء بالخصب والسلم. فتوجه نحو رسول الله ﷺ ليحدثه حديثهم، فوجده قد أنزل هذه الآية ﴿ قل من كان عدوّاً لجبريل... ﴾ الآية.
وأخرج ابن جرير عن السدي قال »
لما كان لعمر أرض بأعلى المدينة يأتيها، وكان ممره على مدارس اليهود، وكان كلما مر دخل عليهم فسمع منهم، وإنه دخل عليهم ذات يوم فقال لهم : أنشدكم بالرحمن الذي أنزل التوراة على موسى بطور سيناء أتجدون محمداً عندكم؟ قالوا : نعم، إنا نجده مكتوباً عندنا ولكن صاحبه من الملائكة الذي يأتيه بالوحي جبريل وجبريل عدونا، وهو صاحب كل عذاب وقتال وخسف، ولو كان وليه ميكائيل لآمنا به، فإن ميكائيل صاحب كل رحمة وكل غيث.


الصفحة التالية