فمشى حيي في أولئك النفر إلى رسول الله ﷺ فقالوا : يا محمد ألم تذكر أنك تتلو فيما أنزل عليك ﴿ الم ذلك الكتاب ﴾ ؟ قال : بلى. قالوا : قد جاءك بهذا جبريل من عند الله؟ قال : نعم. قالوا : لقد بعث الله قبلك أنبياء، ما نعلمه بين لنبي لهم ما مدة ملكه، وما أجل أمته غيرك فقال حيي بن أخطب : وأقبل على من كان معه الألف واحدة، واللام ثلاثون، والميم أربعون، فهذه احدى وسبعون سنة. أفتدخلون في دين نبي إنما مدة ملكه وأجل أمته إحدى وسبعون سنة!
ثم أقبل على رسول الله ﷺ فقال : يا محمد هل مع هذا غيره؟ قال : نعم. قال : ما ذاك؟ قال ﴿ المص ﴾ قال : هذه أثقل وأطول. الألف واحدة، واللام ثلاثون، والميم أربعون، والصاد تسعون، فهذه مائة واحدى وستون سنة.
هل مع هذا يا محمد غيره؟ قال : نعم. قال : ماذا؟ قال ﴿ الر ﴾ قال : هذه أثقل وأطول. الألف واحدة، واللام ثلاثون، والراء مائتان، فهذه إحدى وثلاثون ومائتا سنة.
فهل مع هذا غيره؟ قال : نعم. ﴿ المر ﴾ قال فهذه أثقل وأطول. الألف واحدة، واللام ثلاثون، والميم أربعون، والراء مائتان، فهذه إحدى وسبعون سنة ومائتان ثم قال : لقد لبس علينا أمرك يا محمد حتى ما ندري أقليلاً أُعطيت، أم كثيراً! ثم قاموا فقال أبو ياسر لأخيه حيي ومن معه من الأحبار : ما يدريكم لعله قد جمع هذا لمحمد كله. إحدى وسبعون، وإحدى وستون، ومائة، وإحدى وثلاثون ومائتان، وإحدى وسبعون ومائتان، فذلك سبعمائة وأربع وثلاثون. فقالوا : لقد تشابه علينا أمره. فيزعمون أن هذه الآيات نزلت فيهم ﴿ هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات ﴾ [ آل عمران : ٧ ].
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج قال : إن اليهود كانوا يجدون محمداً وأمته، إن محمداً مبعوث ولا يدرون ما مدة أمة محمد. فلما بعث الله محمداً ﷺ وأنزل ﴿ الم ﴾ قالوا : قد كنا نعلم أن هذه الأمة مبعوثة، وكنا لا ندري كم مدتها، فإن كان محمد صادقاً فهو نبي هذه الأمة قد بين لنا كم مدة محمد، لأن ﴿ الم ﴾ في حساب جملنا إحدى وسبعون سنة، فما نصنع بدين إنما هو واحد وسبعون سنة؟
فلما نزلت ﴿ الر ﴾ وكانت في حساب جملهم مائتي سنة وواحداً وثلاثين سنة قالوا : هذا الآن مائتان وواحد وثلاثون سنة وواحدة وسبعون. قيل ثم أنزل ﴿ المر ﴾ فكان في حساب جملهم مائتي سنة وواحدة وسبعين سنة في نحو هذا من صدور السور فقالوا : قد التبس علينا أمره.


الصفحة التالية
Icon