وأخرج سعيد بن منصور عن مجاهد قال : كنت مع ابن عمر في سفر فقال لي : ارمق الكوكب، فإذا طلعت أيقظني، فلما طلعت أيقظته فاستوى جالساً، فجعل ينظر إليها ويسبها سباً شديداً، فقلت : يرحمك الله أبا عبد الرحمن، نجم ساطع مطيع ما له تسبه؟! فقال : أما أن هذه كانت بغيا في بني إسرائيل، فلقي الملكان منها ما لقيا.
وأخرج البيهقي في شعب الإِيمان من طريق موسى بن جبير عن موسى بن عقبة عن سالم عن ابن عمر قال : قال رسول الله ﷺ « أشرفت الملائكة على الدنيا فرأت بني آدم يعصون فقالت : يا رب ما أجهل هؤلاء! ما أقل معرفة هؤلاء بعظمتك! فقال الله : لو كنت في مسالخهم لعصيتموني. قالوا : كيف يكون هذا ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك؟ قال : فاختاروا منكم ملكين، فاختاروا هاروت وماروت، ثم أهبطا إلى الأرض وركبت فيهما شهوات مثل بني آدم، ومثلت لهما امرأة فما عصما حتى واقعا المعصية، فقال الله : اختارا عذاب الدنيا أو عذاب الآخرة، فنظر أحدهما إلى صاحبه قال : ما تقول فاختر؟ قال : أقول أن عذاب الدنيا ينقطع وأن عذاب الآخرة لا ينقطع، فاختارا عذاب الدنيا فهما اللذان ذكر الله في كتابه ﴿ وما أنزل على الملكين... ﴾ الآية ».
وأخرج اسحق بن راهويه وعبد بن حميد وابن أبي الدنيا في العقوبات وابن جرير وأبو الشيخ في العظمة والحاكم وصححه عن علي بن أبي طالب قال : إن هذه الزهرة تسميها العرب الزهرة والعجم أناهيذ، وكان الملكان يحكمان بين الناس، فأتتهما فأرادها كل واحد عن غير علم صاحبه فقال أحدهما : يا أخي إن في نفسي بعض الأمر أريد أن أذكره لك. قال : اذكره لعل الذي في نفسي مثل الذي في نفسك، فاتفقا على أمر في ذلك. فقالت لهما المرأة : ألا تخبراني بما تصعدان به إلى السماء وبما تهبطان به إلى الأرض؟ فقالا : باسم الله الأعظم. قالت : ما أنا بمؤاتيتكما حتى تعلمانيه. فقال أحدهما لصاحبه : علمها إياه. فقال : كيف لنا بشدة عذاب الله؟ قال الآخر : إنا نرجو سعة رحمة الله، فعلمها إياه فتكلمت به فطارت إلى السماء، ففزع ملك في السماء لصعودها فطأطأ رأسه فلم يجلس بعد، ومسخها الله كوكبا.
وأخرج ابن راهويه وابن مردويه عن علي بن أبي طالب قال : قال رسول الله ﷺ « لعن الله الزهرة فإنها هي التي فتنت الملكين هاروت وماروت ».


الصفحة التالية