واخرج أحمد في الزهد وابن أبي الدنيا عن سعيد بن أبي سعيد المقبري قال : بلغنا أن رجلاًً جاء إلى عيسى فقال : يا معلم الخير كيف أكون تقياً لله كما ينبغي له؟ قال : بيسير من الأمر. تحب الله بقلبك كله، وتعمل بكدحك وقوتك ما استطعت، وترحم ابن جنسك كما ترحم نفسك. قال : من ابن جنسي يا معلم الخير؟ قال : ولد آدم كلهم، وما لا تحب أن يؤتى إليك فلا تأته إلى أحد فأنت تقي لله حقاً.
وأخرج ابن أبي الدنيا عن أياس بن معاوية قال : رأس التقوى ومعظمه أن لا تعبد شيئاً دون الله، ثم تتفاضل الناس بالتقى والنهى.
وأخرج ابن أبي الدنيا عن عون بن عبد الله قال : فواتح التقوى حسن النية، وخواتمها التوفيق، والعبد فيما بين ذلك، بين هلكات وشبهات، ونفس تحطب على سلوها، وعدو مكيد غير غافل ولا عاجز.
وأخرج ابن أبي الدنيا عن محرز الطفاري قال : كيف يرجو مفاتيح التقوى من يؤثر على الآخرة الدنيا؟!.
وأخرج ابن أبي الدنيا عن عمر بن عبد العزيز قال : ليس تقوى الله بصيام النهار ولا بقيام الليل، والتخليط فيما بين ذلك، ولكن تقوى الله، ترك ما حرم الله، وأداء ما افترض الله، فمن رزق بعد ذلك خيراً فهو خير إلى خير.
وأخرج ابن أبي الدنيا عن محمد بن يوسف الفريابي قال : قلت لسفيان أرى الناس يقولون سفيان الثوري، وأنت تنام الليل؟ فقل لي : اسكت... ملاك هذا الأمر التقوى.
وأخرج ابن أبي الدنيا عن شبيب قال : تكلم رجل من الحكماء عند عبد الملك بن مروان، فوصف المتقي فقال : رجل آثر الله على خلقه، وآثر الآخرة على الدنيا، ولم تكربه المطالب، ولم تمنعه المطامع، نظر ببصر قلبه إلى مثالي إرادته، فسما لها ملتمساً لها، فزهده مخزون، يبيت إذا نام الناس ذا شجون، ويصبح مغموماً في الدنيا مسجون، قد انقطعت من همته الراحة دون منيته، فشفاؤه القرآن، ودواؤه الكلمة من الحكمة والموعظة الحسنة، لا يرى منها الدنيا عوضاً، ولا يستريح إلى لذة سواها. فقال عبد الملك : أشهد أن هذا أرجى بالاً منا، وأنعم عيشاً.
وأخرج ابن أبي شيبة وأبو نعيم في الحلية عن ميمون بن مهران قال : لا يكون الرجل من المتقين حتى يحاسب نفسه أشد من محاسبة شريكه، حتى تعلم من أين مطعمه، ومن أين ملبسه، ومن أين مشربه، أمن حل ذلك أو من حرام؟.
وأخرج ابن أبي الدنيا عن عمر بن عبد العزيز. أنه لما وُلي حمد الله وأثنى عليه ثم قال : أوصيكم بتقوى الله، فإن تقوى الله خلف من كل شيء، وليس من تقوى الله خلف.
وأخرج ابن أبي الدنيا عن عمر بن عبد العزيز قال : يا أيها اتقوا الله، فإنه ليس من هالك إلا له خلف إلا التقوى.


الصفحة التالية
Icon