وأخرج أبو الوليد الأزرقي في تاريخ مكة عن سعيد بن المسيب قال : قال كعب الأحبار : كانت الكعبة غثاء على الماء قبل أن يخلق الله السموات والأرض بأربعين سنة، ومنها دحيت الأرض.
وأخرج الأزرقي عن مجاهد قال : خلق الله هذا البيت قبل أن يخلق شيئاً من الأرضين.
وأخرج الأزرقي عن ابن عباس قال : لما كان العرش على الماء قبل أن يخلق الله السموات والأرض، بعث الله تعالى ريحاً هفافة فصفقت الريح الماء، فأبرزت عن حشفة في موضع البيت كأنها قبة، فدحا الله تعالى الأرض من تحتها، فمادت ثم مادت فأوتدها الله بالجبال، فكان أول جبل وضع فيه أبو قبيس، فلذلك سميت أم القرى.
وأخرج عبد بن حميد عن ابن عباس قال : كان البيت على أربعة أركان في الماء قبل أن يخلق السموات والأرض، فدحيت الأرض من تحته.
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد قال : دحيت الأرض من تحت الكعبة.
وأخرج الأرزقي عن علي بن الحسين. أن رجلاً سأله ما بدء هذا الطواف بهذا البيت؟ لم كان، وأنى كان، وحيث كان، فقال : اما بدء هذا الطواف بهذا البيت فإن الله تعالى قال للملائكة ﴿ إني جاعل في الأرض خليفة ﴾ [ البقرة : ٣٠ ] فقالت : رب أي خليفة من غيرنا ممن يفسد فيها ويسفك الدماء ويتحاسدون ويتباغضون؟! أي رب اجعل ذلك الخليفه منا فنحن لا نفسد فيها ولا نسفك الدماء ولا نتباغض ولا نتحاسد ولا نتباغى، ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك ونطيعك ولا نعصيك. قال الله تعالى ﴿ إني أعلم ما لا تعلمون ﴾ [ البقرة : ٣٠ ] قال : فظنت الملائكة أن ما قالوا رد على ربهم تعالى، وإنه قد : غضب عليهم من قولهم فلاذوا بالعرش ورفعوا رؤوسهم وأشاروا بالأصابع يتضرعون ويبكون اشفاقاً لغضبه، فطافوا بالعرش ثلاث ساعات، فنظر الله إليهم فنزلت الرحمة عليهم، فوضع الله سبحانه تحت العرش بيتاً على أربع أساطين من زبرجد وغشاهن بياقوتة حمراء وسمي البيت الضراح، ثم قال الله للملائكة : طوفوا بهذا البيت ودعوا العرش، فطافت الملائكة بالبيت وتركوا العرش فصار أهون عليهم، وهو البيت المعمور الذي ذكره الله يدخله كل يوم وليلة سبعون ألف ملك لا يعودون فيه أبداً، ثم أن الله تعالى بعث ملائكته فقال : ابنوا لي بيتاً في الأرض بمثاله وقدره، فأمر الله سبحانه من في الأرض من خلقه أن يطوفوا بهذا البيت كما تطوف أهل السماء بالبيت المعمور.


الصفحة التالية
Icon