وأخرج الأزرقي عن عثمان بن ساج قال : أخبرني سعيد أن آدم عليه السلام حج على رجليه سبعين حجة ماشياً، وأن الملائكة لقيته بالمأزمين فقالوا : برَّ حجك يا آدم، أما أنا قد حججنا قبلك بألفي عام.
وأخرج الأزرقي عن مقاتل يرفع الحديث إلى النبي ﷺ. أن آدم عليه السلام قال : أي رب أني أعرف شقوتي لا أرى شيئاً من نورك بعد، فأنزل الله عليه البيت الحرام على عرض البيت الذي في السماء وموضعه من ياقوت الجنة، ولكن طوله ما بين السّماء والأرض، وأمره أن يطوف به فأذهب عنه الهم الذي كان قبل ذلك، ثم رفع على عهد نوح عليه السلام.
وأخرج الأزرقي من طريق ابن جريج عن مجاهد قال : بلغني أنه لما خلق الله السموات والأرض كان أوّل شيء وضعه فيها البيت الحرام، وهو يومئذ ياقوتة حمراء جوفاء لها بابان أحدهما شرقي والآخر غربي، فجعله مستقبل البيت المعمور، فلما كان زمن الغرق رفع في ديباجتين فهو فيهما إلى يوم القيامة، واستودع الله الركن أبا قبيس قال ابن عباس : كان ذهباً فرفع في زمان الغرق. قال ابن جريج : قال جويبر : كان بمكة البيت المعمور، فرفع زمن الغرق فهو في السماء.
وأخرج الأزرقي عن عروة بن الزبير قال : بلغني أن البيت وضع لآدم عليه السّلام يطوف به ويعبد الله عنده، وأن نوحاً قد حجه وجاءه وعظمه قبل الغرق، فلما أصاب الأرض من الغرق حين أهلك الله قوم نوح أصاب البيت ما أصاب الأرض، فكان ربوة حمراء معروف مكانه، فبعث الله هوداً إلى عاد فتشاغل بأمر قومه حتى هلك ولم يحجه، ثم بعث الله صالحاً إلى ثمود فتشاغل حتى هلك ولم يحجه، ثم بوّأه الله لإِبراهيم عليه السلام فحجه وعلم مناسكه ودعا إلى زيارته، ثم لم يبعث الله نبياً بعد إبراهيم إلا حجه.
وأخرج الأزرقي عن أبي قلابة قال : قال الله لآدم : إني مهبط معك بيتي يطاف حوله كما يطاف حول عرشي، ويصلى عنده كما يصلى عند عرشي، فلم يزل حتى كان زمن الطوفان، فرفع حتى بوّئ لإِبراهيم مكانه فبناه من خمسة جبال. من حراء، وثبير، ولبنان، والطور، والجبل الأحمر.
وأخرج الجندي عن معمر قال : إن سفينة نوح طافت بالبيت سبعاً حتى إذا غرق قوم نوح رفعه وبقي أساسه، فبوّأه الله لإِبراهيم فبناه بعد ذلك. وذلك قوله تعالى ﴿ وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ﴾ واستودع الركن أبا قبيس حتى إذا كان بناء إبراهيم نادى أبو قبيس إبراهيم فقال يا إبراهيم : هذا الركن فجاء فحفر عنه فجعله في البيت حين بناه إبراهيم عليه السلام.
وأخرج الأصبهاني في ترغيبه وابن عساكر عن أنس. أن رسول الله ﷺ قال :« أوحى الله إلى آدم حج هذا البيت قبل أن يحدث بك حدث. قال : وما يحدث علي يا رب؟ قال : ما لا تدري وهو الموت. قال : وما الموت؟ قال : سوف تذوق. قال : ومن أستخلف في أهلي؟ قال : أعرض ذلك على السموات والأرض والجبال، فعرض على السموات فأبت، وعرض على الأرض فأبت، وعرض على الجبال فأبت، وقبله ابنه قاتل أخيه، فخرج آدم من أرض الهند حاجاً، فما نزل منزلاً أكل فيه وشرب إلا صار عمراناً بعده، وقرى حتى قدم مكة فاستقبلته الملائكة بالبطحاء، فقالوا : السلام عليك يا آدم، برّ حجك. أما إنا قد حججنا هذا البيت قبلك بألفي عام. قال رسول الله ﷺ » والبيت يومئذ ياقوتة حمراء جوفاء لها بابان، من يطوف يرى من جوف البيت، ومن في جوف البيت يرى من يطوف « فقضى آدم نسكه، فأوحى الله إليه : يا آدم قضيت نسكك؟ قال : نعم، يا رب قال : فسل حاجتك تعط. قال : حاجتي أن تغفر لي ذنبي وذنب ولدي. قال : أما ذنبك يا آدم فقد غفرناه حين وقعت بذنبك، وأما ذنب ولدك فمن عرفني وآمن بي وصدق رسلي وكتابي غفرنا له ذنبه ».