وأخرج الطيالسي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن البراء. كانت الأنصار إذا حجوا فرجعوا لم يدخلوا البيوت إلا من ظهورها، فجاء رجل من الأنصار فدخل من بابه، فقيل له في ذلك، فنزلت هذه الآية.
وأخرج ابن أبي حاتم والحاكم وصححه وابن جابر قال « كانت قريش تدعي الحمس، وكانوا يدخلون من الأبواب في الإِحرام، وكانت الأنصار وسائر العرب لا يدخلون من باب في الإِحرام، فبينا رسول الله ﷺ في بستان إذ خرج من بابه، وخرج معه قطبة بن عامر الأنصاري فقالوا : يا رسول الله إن قطبة بن عامر رجل فاجر، وإنه خرج معك من الباب فقال له : ما حملك على ما صنعت؟ قال : رأيتك فعلته ففعلته كما فعلت. قال : إني رجل أحمس. قال له : فإن ديني دينك. فأنزل الله ﴿ وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها... ﴾ الآية ».
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس « أن رجالاً من أهل المدينة كانوا إذا خاف أحدهم من عدوّه شيئاً آخر فأمن، فإذا أحرم لم يلج من باب بيته واتخذ نقباً من ظهر بيته، فلما قدم رسول الله ﷺ المدينة كان بها رجل محرم كذلك، وأن رسول الله ﷺ دخل بستاناً، فدخله من بابه ودخل معه ذلك المحرم، فناداه رجل من ورائه : يا فلان إنك محرم وقد دخلت مع الناس. فقال : يا رسول الله إن كنت محرماً فأنا محرم، وإن كنت أحمس فأنا أحمس. فأنزل الله ﴿ وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها ﴾ إلى آخر الآية. فأحل للمؤمنين أن يدخلوا من أبوابها ».
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قيس بن جبير النهشلي « أن الناس كانوا إذا أحرموا لم يدخلوا حائطاً من بابه ولا داراً من بابها، وكانت الحمس يدخلون البيوت من أبوابها، فدخل رسول الله ﷺ وأصحابه داراً، وكان رجل من الأنصار يقال له رفاعة بن تابوت فتسوّر الحائط، ثم دخل على رسول الله ﷺ، فلما خرج من باب الدار خرج معه رفاعة فقال رسول الله ﷺ : ما حملك على ذلك؟ قال : يا رسول الله رأيتك خرجت منه فخرجت منه. فقال رسول الله ﷺ : إني رجل أحمس. فقال : إن تكن رجلاً أحمس فإن ديننا واحد، فأنزل الله ﴿ وليس البر... ﴾ الآية ».
وأخرج ابن جرير عن الزهري قال « كان ناس من الأنصار إذا أهلوا بالعمرة لم يحل بينهم وبين السماء شيء يتحرجون من ذلك، وكان الرجل يخرج مهلاً بالعمرة فتبدو له الحاجة فيرجع ولا يدخل من باب الحجرة من أجل سقف الباب أن يحول بينه وبين السماء، فيفتح الجدار من ورائه، ثم يقوم في حجرته فيأمر بحاجته فتخرج إليه من بيته، حتى بلغنا أن رسول الله ﷺ أهل زمن الحديبية بالعمرة، فدخل حجرة، فدخل رجل على أثره من الأنصار من بني سلمة، فقال له النبي ﷺ : إني أحمس. وكان الحمس لا يبالون ذلك، فقال الأنصاري : وأنا أحمس. يقول : وأنا على دينك. فأنزل الله ﴿ وليس البر... ﴾ الآية ».