وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد في قوله ﴿ الشهر الحرام بالشهر الحرام والحرمات قصاص ﴾ قال « فخرت قريش بردها رسول الله ﷺ يوم الحديبية محرماً في ذي القعدة عن البلد الحرام، فأدخله الله مكة من العام المقبل، فقضى عمرته وأقصه ما حيل بينه وبين يوم الحديبية ».
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة قال « أقبل نبي الله ﷺ وأصحابه معتمرين في ذي القعدة ومعهم الهدي، حتى إذا كانوا بالحديبية فصدهم المشركون، فصالحهم نبي الله أن يرجع عامه ذلك حتى يرجع من العام المقبل، فيكون بمكة ثلاث ليال ولا يدخلوها إلا بسلاح الراكب، ولا يخرج بأحد من أهل مكة، فنحروا الهدي بالحديبية وحلقوا وقصروا حتى إذا كان من العام المقبل، أقبل نبي الله وأصحابه معتمرين في ذي القعدة حتى دخلوا فأقام ثلاث ليال، وكان المشركون قد فخروا عليه حين ردوه يوم الحديبية، فأقصه الله منهم وأدخله مكة في ذلك الشهر الذي كانوا ردوه فيه في ذي القعدة، فقال الله ﴿ الشهر الحرام بالشهر الحرام والحرمات قصاص ﴾ ».
وأخرج ابن جرير والنحاس في ناسخه عن ابن جرير قال « قلت لعطاء : قول الله تعالى ﴿ الشهر الحرام بالشهر الحرام والحرمات قصاص ﴾ فقال : هذا يوم الحديبية صدوا رسول الله ﷺ عن البيت الحرام وكان معتمراً، فدخل رسول الله ﷺ في السنة التي بعدها معتمراً مكة، فعمرة في الشهر الحرام بعمره في الشهر الحرام ».
وأخرج البيهقي في الدلائل عن عروة وابن شهاب قالا « خرج رسول الله ﷺ من العام القابل من عام الحديبية معتمراً في ذي القعدة سنة سبع، وهو الشهر الذي صده فيه المشركون عن المسجد الحرام، وأنزل الله في تلك العمرة ﴿ الشهر الحرام بالشهر الحرام والحرمات قصاص ﴾ فاعتمر رسول الله ﷺ في الشهر الحرام الذي صد فيه ».
وأخرج أبو داود في ناسخه وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في سننه عن ابن عباس « في قوله ﴿ فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم ﴾ وقوله ﴿ وجزاء سيئة سيئة مثلها ﴾ [ الشورى : ٤٠ ] وقوله ﴿ ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل ﴾ [ الشورى : ٤١ ] وقوله ﴿ وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ﴾ [ النحل : ١٢٦ ] قال : هذا ونحوه نزل بمكة، والمسلمون يومئذ قليل فليس لهم سلطان يقهر المشركين، فكان المشركون يتعاطونهم بالشتم والأذى، فأمر الله المسلمين من يتجازى منهم أن يتجازى بمثل ما أوتي إليه أو يصبر أو يعفو، فلما هاجر رسول الله ﷺ إلى المدينة وأعز الله سلطانه أمر الله المسلمين أن ينتهوا في مظالمهم إلى سلطانهم، ولا يعدو بعضهم على بعض كأهل الجاهلية، فقال


الصفحة التالية
Icon