قيل : يا أمير المؤمنين فمن أين حرم صيام أيام التشريق؟ قال : لأن القوم زوار الله وهم في ضيافته، ولا يجوز للضيف أن يصوم دون إذن من أضافه. قيل : يا أمير المؤمنين فتعلق الرجل بأستار الكعبة لأي معنى هو؟ قال : مثل الرجل بينه وبين سيده جناية فتعلق بثوبه وتنصل إليه وتحدى له ليهب له جنايته.
وأخرج ابن زنجويه والأزرقي والجندي ومسدد والبزار في مسنديهما وابن مردويه والأصبهاني في الترغيب عن أنس بن مالك قال :« كنت قاعداً مع رسول الله ﷺ في مسجد الخيف أتاه رجل من الأنصار ورجل من ثقيف، فسلما عليه ثم قالا : يا رسول الله جئنا نسألك. قال : إن شئتما أخبرتكما بما جئتما تسألاني عنه، وإن شئتما سألتماني. قال : أخبرنا يا رسول الله نزداد إيماناً ويقيناً! قال للأنصاري : جئت تسأل عن مخرجك من بيتك تؤم البيت الحرام وما لك فيه، وعن طوافك وما لك فيه، وعن ركعتيك بعد الطواف وما لك فيهما، وعن طوافك بين الصفا والمروة وما لك فيه، وعن وقوفك بعرفة وما لك فيه، وعن رميك الجمار وما لك فيه، وعن طوافك بالبيت وما لك فيه، يعني الإِفاضة. قال : والذي بعثك بالحق ما جئت إلا لأسألك عن ذلك.
وقال : أما مخرجك من بيتك تؤم البيت الحرام فإن ناقتك لا ترفع خفاً ولا تضعه إلا كتب الله لك به حسنة ومحا به عنك خطيئة، وأما طوافك بالبيت فإنك لا ترفع قدماً ولا تضعها إلا كتب الله لك بها حسنة ومحا عنك بها خطيئة ورفع لك بها درجة، وأما ركعتاك بعد طوافك فكعتق رقبة من بني إسمعيل، وأما طوافك بين الصفا والمروة فكعتق سبعين رقبة، وأما وقوفك عشية عرفة فإن الله تعالى يهبط إلى سماء الدنيا فيباهي بكم الملائكة، ويقول : انظروا إلى عبادي جاؤوني من كل فج عميق شعثاً غبراً يرجون رحمتي ومغفرتي، فلو كانت ذنوبهم مثل الرمل، وعدد القطر، ومثل زبد البحر، ومثل نجوم السماء، لغفرتها لهم ويقول : أفيضوا عبادي مغفوراً لكم ولمن شفعتم فيه، وأما رميك الجمار فإن الله يغفر لك بكل حصاة رميتها كبيرة من الكبائر الموبقات الموجبات، وأما نحرك فمدخور لك عند ربك، وأما طوافك بالبيت - يعني الافاضة - فإنك تطوف ولا ذنب عليك، ويأتيك ملك فيضع يده بين كتفيك ويقول : اعمل لما بقي فقد كفيت ما مضى ».
وأخرج البزار والطبراني وابن حبان عن ابن عمر قال « كنت جالساً مع النبي ﷺ في مسجد منى، فأتاه رجل من الأنصار ورجل من ثقيف، فسلما ثم قالا : يا رسول الله ﷺ جئناك نسألك فقال : إن شئتما أخبرتكما بما جئتما تسألاني عنه فعلت، وإن شئتما أن أمسك وتسألاني فعلت. فقالا : أخبرنا يا رسول الله! فقال الثقفي للأنصاري : سل. فقال : اخبرني يا رسول الله. فقال : جئتني تسألني عن مخرجك من بيتك تؤم البيت الحرام وما لك فيه، وعن ركعتيك بعد الطواف وما لك فيهما، وعن طوافك بين الصفا والمروة وما لك فيه، وعن وقوفك عشية عرفة وما لك فيه، وعن رميك الجمار وما لك فيه، وعن نحرك وما لك فيه مع الإِفاضة. فقال : والذي بعثك بالحق لعن هذا جئت أسألك.
قال : فإنك إذا خرجت من بيتك تؤم البيت الحرام لا تضع ناقتك خفاً ولا ترفعه إلا كتب لك به حسنة ومحى عنك خطيئة، وأما ركعتاك بعد الطواف كعتق رقبة من بني إسمعيل، وأما طوافك بالصفا والمروة كعتق سبعين رقبة، وأما وقوفك عشية عرفة فإن الله يهبط إلى سماء الدنيا فيباهي بكم الملائكة، فيقول : عبادي جاؤوني شعثاً غبراً من كل فج عميق يرجون جنتي، فلو كانت ذنوبكم كعدد الرمل، أو كقطر المطر، أو كزبد البحر لغفرتها، أفيضوا عبادي مغفوراً لكم ولمن شفعتم له، وأما رميك الجمار فلك بكل حصاة رميتها تكفير كبيرة من الموبقات، وأما نحرك فمدخور لك عند ربك وأما حلاقك رأسك فلك بكل شعرة حلقتها حسنة ويمحى عنك بها خطيئة، وأما طوافك بالبيت بعد ذلك فإنك تطوف ولا ذنب لك، يأتي ملك حتى يضع يديه بين كتفيك فيقول : اعمل فيما يستقبل فقد غفر لك ما مضى ».