فقال سعيد : قد عرفت فيمن أنزلت. فقال محمد بن كعب : إن الآية تنزل في الرجل تكون عامة بعد.
وأخرج أحمد في الزهد عن الربيع بن أنس قال : أوحى الله إلى نبي من الأنبياء : ما بال قومك يلبسون جلود الضأن، ويتشبهون بالرهبان، كلامهم أحلى من العسل، وقلوبهم أمر من الصبر؟ أبي يغترون أم لي يخادعون؟، وعزتي لأتركنّ العالم منهم حيراناً، ليس مني من تكهن أو تُكُهِّنَ له، أو سحر أو سُحِرَ له، من آمن بي فليتوكل عليّ، ومن لم يؤمن فليتبع غيري.
وأخرج أحمد في الزهد عن وهب. « أن الرب تبارك وتعالى قال لعلماء بني إسرائيل : يفقهون لغير الدين، ويعلمون لغير العمل، ويبتغون الدنيا بعمل الآخرة، يلبسون مسوك الضأن ويخفون أنفس الذباب، ويتّقوى القذى من شرابكم، ويبتلعون أمثال الجبال من المحارم، ويثقلون الدين على الناس أمثال الجبال ولا يعينونهم برفع الخناصر، يبيضون الثياب ويطيلون الصلاة، ينتقصون بذلك مال اليتيم والأرملة، فبعزتي حلفت لأضربنكم بفتنة يضل فيها رأي ذي الرأي، وحكمة الحكيم ».
وأما قوله تعالى :﴿ وهو ألد الخصام ﴾.
أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله ﴿ وهو ألد الخصام ﴾ قال : شديد الخصومة.
وأخرج الطستي عن ابن عباس. أن نافع بن الأزرق سأله قوله ﴿ وهو ألد الخصام ﴾ قال : الجدل المخاصم في الباطل. قال : وهل تعرف العرب ذلك؟ قال : نعم، أما سمعت قول مهلهل :
إن تحت الأحجار حزماً وجوداً | وخصيماً ألد ذا مغلاق |
وأخرج وكيع وأحمد والبخاري وعبد بن حميد ومسلم والترمذي والنسائي وابن مردويه والبيهقي في الشعب عن عائشة عن النبي ﷺ قال « أبغض الرجال إلى الله الألد الخصم ».
وأخرج البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي عن عبد الله بن عمرو « أن النبي ﷺ قال : أربع من كن فيه كان منافقاً خالصاً، ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها. إذا ائتمن خان، وإذا حدث كذب، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر ».
وأخرج الترمذي والبيهقي عن ابن عباس قال : قال رسول الله ﷺ « كفى بك آثماً أن لا تزال مخاصماً ».
وأخرج أحمد في الزهد عن أبي الدرداء قال :« كفى بك آثماً أن لا تزال ممارياً، وكفى بك ظالماً أن لا تزال مخاصماً، وكفى بك كاذباً أن لا تزال محدثاً الأحاديث في ذات الله تعالى ».
وأخرج أحمد عن أبي الدرداء قال : من كثر كلامه كثر كذبه، ومن كثر حلفه كثر إثمه، ومن كثرت خصومته لم يسلم دينه.
وأخرج البيهقي في الشعب عن عبد الكريم الجزري قال : ما خاصم ورع قط.
وأخرج البيهقي عن ابن شبرمة قال : من بالغ في الخصومة أثم، ومن قصر فيها خصم، ولا يطيق الحق من تألى على من به دار الأمر، وفضل الصبر التصبر، ومن لزم العفاف هانت عليه الملوك والسوق.
وأخرج البيهقي عن الأحنف بن قيس قال : ثلاثة لا ينتصفون من ثلاثة : حليم من أحمق، وبر من فاجر.
وأخرج البيهقي عن ابن عمرو بن العلاء قال : ما تشاتم رجلان قط إلا غلب أَلأمُهُمَا.