وأخرج ابن جرير وابن الأنباري عن ابن عباس قال : إن الله خلق خلقاً فقال ﴿ اسجدوا لآدم ﴾ فقالوا : لا نفعل فبعث ناراً فأحرقهم، ثم خلق هؤلاء فقال ﴿ اسجدوا لآدم ﴾ فقالوا : نعم. وكان إبليس من أولئك الذين أبوا أن يسجدوا لآدم.
وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ في العظمة عن ابن عباس قال : لما خلق الله الملائكة قال ﴿ إني خالق بشراً من طين ﴾ [ ص : ٧١ ] فإذا أنا خلقته فاسجدوا له فقالوا : لا نفعل. فارسل عليهم ناراً فأحرقتهم. وخلق ملائكة أخرى فقال ﴿ إني خالق بشراً من طين ﴾ فإذا أنا خلقته فاسجدوا له. فأبوا فأرسل عليهم ناراً فأحرقتهم، ثم خلق ملائكة أخرى فقال ﴿ إني خالق بشراً من طين ﴾ فإذا أنا خلقته فاسجدوا له. فقالوا : سمعنا وأطعنا إلا إبليس كان من الكافرين الأولين.
وأخرج ابن أبي حاتم عن محمد بن عامر المكي قال : خلق الله الملائكة من نور، وخلق الجان من نار، وخلق البهائم من ماء، وخلق آدم من طين، فجعل الطاعة في الملائكة، وجعل المعصية في الجن والإِنس.
وأخرج محمد بن نصر عن أنس قال « قال رسول الله ﷺ إن الله أمر آدم بالسجود فسجد فقال : لك الجنة ولمن سجد من ذريتك، وأمر إبليس بالسجود فأبى أن يسجد فقال : لك النار ولمن أبى من ولدك أن يسجد ».
وأخرج ابن أبي الدنيا في مكايد الشيطان عن ابن عمر قال : لقي إبليس موسى فقال : يا موسى أنت الذي اصطفاك الله برسالاته وكلمك تكلماً إذ تبت؟ وأنا أريد أن أتوب فاشفع لي إلى ربي أن يتوب عليّ قال موسى : نعم. فدعا موسى ربه فقيل « يا موسى قد قضيت حاجتك » فلقي موسى إبليس قال : قد أمرت أن تسجد لقبر آدم ويتاب عليك. فاستكبر وغضب وقال : لم أسجد له حيًّا أسجد له ميتاً؟ ثم قال إبليس : يا موسى إن لك عليّ حقاً بما شفعت لي إلى ربك فاذكرني عند ثلاث لا أهلكك فيهن. اذكرني حين تغضب فإني أجري منك مجرى الدم، واذكرني حين تلقى الزحف فإني آتي ابن آدم حين يلقى الزحف. فاذكره ولده وزجته حتى يولي، وإياك أن تجالس امرأة ليست بذات محرم فإني رسولها ورسولك إليها.
وأخرج ابن المنذر عن أنس قال : إن نوحاً لما ركب السفينة أتاه إبليس فقال له نوح : من أنت؟ قال : أنا إبليس قال : فما جاء بك؟ قال : جئت تسأل لي ربي هل لي من توبة؟ فأوحى الله إليه : أن توبته أن يأتي قبر آدم فيسجد له قال : أما أنا لم أسجد له حياً أسجد له ميتاً؟ قال : فاستكبر وكان من الكافرين.
وأخرج ابن المنذر من طريق مجاهد عن جنادة بن أبي أمية قال : كان أول خطيئة كانت الحسد. حسد إبليس آدم أن يسجد له حين أمر، فحمله الحسد على المعصية.
وأخرج ابن أبي حاتم عن محمد بن كعب القرظي قال : ابتدأ الله خلق إبليس على الكفر والضلالة، وعمل بعمل الملائكة، فصيره إلى ما بدئ إليه خلقه من الكفر قال الله ﴿ وكان من الكافرين ﴾.
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس في قوله ﴿ وكان من الكافرين ﴾ قال : جعله الله كافراً لا يستطيع أن يؤمن.


الصفحة التالية
Icon