فقام فسلم عليهم وردوا عليه، ثم عرض الأسماء على الملائكة فقال الله لملائكته : زعمتم أنكم أعلم منه ﴿ انبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين، قالوا سبحانك ﴾ إن العلم منك ولك، ولا علم لنا إلا ماعلمتنا، فلما أقروا بذلك ﴿ قال يا آدم أنبئهم بأسمائهم ﴾ فقال آدم : هذه ناقة، جمل، بقرة، نعجة، شاة، فرس، وهو من خلق ربي. فكل شيء سمي آدم فهو اسمه إلى يوم القيامة، وجعل يدعو كل شيء باسمه حين يمر بين يديه حتى بقي الحمار وهو أخر شيء مر عليه. فجاء الحمار من وراء ظهره فدعا آدم : أقبل يا حمار. فعلمت الملائكة أنه أكرم على الله وأعلم منهم، ثم قال له ربه : يا آدم ادخل الجنة تحيا وتكرم، فدخل الجنة فنهاه عن الشجرة قبل أن يخلق حواء. فكان آدم لا يستأنس إلى خلق في الجنة، ولا يسكن إليه، ولم يكن في الجنة شيء يشبهه، فالقى الله عليه النوم وهو أوّل نوم كان، فانتزعت من ضلعه الصغرى من جانبه الأيسر، فخلقت حواء منه، فلما استيقظ آدم فجلس، فنظر إلى حواء تشبهه من أحسن البشر، ولكل امرأة فضل على الرجل بضلع، وكان الله علم آدم اسم كل شيء، فجاءته الملائكة فهنوه وسلموا عليه فقالوا : يا آدم ما هذه؟ قال : هذه مرأة قيل له : فما اسمها؟ قال : حواء فقيل له : لم سميتها حواء؟ قال : لأنها خلقت من حي. فنفخ بينهما من روح الله فما كان من شيء يتراحم الناس به من فضل رحمتها.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أشعث الحداني قال : كانت حواء من نساء الجنة، وكان الولد يرى في بطنها إذا حملت ذكر أم أنثى من صفاتها.
وأخرج ابن عدي وابن عساكر عن إبراهيم النخعي قال : لما خلق الله آدم وخلق له زوجته، بعث إليه ملكاً، وأمرة بالجماع ففعل، فلما فرغ قالت له حواء : يا آدم هذه طيب زدنا منه.
أما قوله تعالى :﴿ وكلا منها رغداً ﴾.
أخرج ابن جرير وابن عساكر عن ابن مسعود وناس من الصحابة قال ﴿ الرغد ﴾ الهنيّ.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال ﴿ الرغد ﴾ سعة المعيشة.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله ﴿ وكلا منها رغداً حيث شئتما ﴾ قال : لا حساب عليكم.
أما قوله تعالى :﴿ ولا تقربا هذه الشجرة ﴾.
أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن عساكر من طرق عن ابن عباس قال : الشجرة التي نهى الله عنها آدم السنبلة. وفي لفظ البر.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن وهب بن منبه قال : الشجرة التي نهى الله عنها آدم البر، ولكن الحبة منه في الجنة كمكلي البقر، ألين من الزبد، وأحلى من العسل.


الصفحة التالية
Icon