أخرج أحمد وعبد بن حميد والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن المنذر والحاكم والطبراني وابن مردويه وأبو نعيم والبيهقي معاً في الدلائل عن ابن عباس قال : انطلق النبي ﷺ في طائفة من أصحابه عامدين إلى سوق عكاظ، وقد حيل بين الشياطين وبين خبر السماء، وأرسلت عليهم الشهب، فرجعت الشياطين إلى قومهم فقالوا : ما لكم؟ فقالوا : أحيل بيننا وبين خبر السماء، وأرسلت علينا الشهب، فقالوا : ما حال بينكم وبين خبر السماء إلا شيء حدث، فاضربوا مشارق الأرض ومغاربها، فانظروا ما الذي حال بينكم وبين خبر السماء؟ فانصرف أولئك الذين ذهبوا نحو تهامة إلى النبي ﷺ وهو بنخلة عامدين إلى سوق عكاظ وهو يصلي بأصحابه صلاة الفجر، فلما سمعوا القرآن استمعوا له، فقالوا : هذا والله الذي حال بينكم وبين خبر السماء، فهنالك رجعوا إلى قومهم، فقالوا : يا قومنا ﴿ إنا سمعنا قرآناً عجباً يهدي إلى الرشد فآمنا به ولن نشرك بربنا أحداً ﴾ فأنزل الله على نبيه ﴿ قل أوحي إليّ أنه استمع نفر من الجن ﴾ وإنما أوحى إليه قول الجن.
وأخرج ابن المنذر عن عبد الملك قال : لم تحرس الجن في الفترة بين عيسى ومحمد، فلما بعث الله محمداً ﷺ حرست السماء الدنيا ورميت الجن بالشهب فاجتمعت إلى إبليس فقال : لقد حدث في الأرض حدث فتعرفوا فأخبرونا ما هذا الحدث؟ فبعث هؤلاء النفر إلى تهامة وإلى جانب اليمن وهم أشراف الجن وسادتهم فوجدوا النبي ﷺ يصلي صلاة الغداة بنخلة، فسمعوه يتلوا القرآن، فلما حضروه قالوا : أنصتوا، فلما قضى يعني بذلك أنه فرغ من صلاة الصبح ولوا إلى قومهم منذرين مؤمنين لم يشعر بهم حتى نزل ﴿ قل أوحي إليّ أنه استمع نفر من الجن ﴾ يقال : سبعة من أهل نصيبين.
وأخرج ابن الجوزي في كتاب صفوة الصفوة بسنده عن سهل بن عبد الله قال : كنت في ناحية ديار عاد إذ رأيت مدينة من حجر منقورة في وسطها قصر من حجارة تأويه الجن، فدخلت فإذا شيخ عظيم الخلق يصلي نحو الكعبة وعليه جبة صوف فيها طراوة، فلم أتعجب من عظم خلقته كتعجبي من طراوة جبته، فسلمت عليه فرد عليّ السلام، وقال : يا سهل إن الأبدان لا تخلق الثياب، وإنما يخلقها روائح الذنوب ومطاعم السحت، وإن هذه الجبة عليَّ منذ سبعمائة سنة لقيت بها عيسى ومحمداً عليهما السلام، فآمنت بهما فقلت له : ومن أنت؟ قال : أنا من الذين نزلت فيهم ﴿ قل أوحي إليَّ أنه استمع نفر من الجن ﴾ قال : كانوا من جن نصيبين.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ تعالى جد ربنا ﴾ قال : الأمر وعظمته.