وأخرج ابن جرير وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس قال : لم تكن سماء الدنيا تحرس في الفترة بين عيسى ومحمد عليهما السلام، وكانوا يقعدون منها مقاعد للسمع، فلما بعث الله محمداً ﷺ حرست السماء شديداً ورجمت الشياطين، فانكروا ذلك، فقالوا :﴿ لا ندري أشر أريد بمن في الأرض أم أراد بهم ربهم رشداً ﴾ فقال إبليس : لقد حدث في الأرض حدث، فاجتمعت إليه الجن، فقال : تفرقوا في الأرض فأخبروني ما هذا الحدث الذي حدث في السماء؟ وكان أول بعث بعث ركب من أهل نصيبين، وهم أشراف الجن وساداتهم، فبعثهم إلى تهامة، فاندفعوا حتى بلغوا الوادي وادي نخلة فوجدوا نبي الله ﷺ يصلي صلاة الغداة، ولم يكن نبي الله ﷺ علم أنهم استمعوا إليه، وهو يقرأ القرآن، فلما قضى يقول : لما فرغ من الصلاة ولوا إلى قومهم منذرين يقول : مؤمنين.
وأخرج الواقدي وأبو نعيم في الدلائل عن ابن عمرو قال : لما كان اليوم الذي تنبأ فيه رسول الله ﷺ منعت الشياطين من السماء ورموا بالشهب.
وأخرج الواقدي وأبو نعيم عن أبيّ بن كعب قال : لم يرم بنجم منذ رفع عيسى حتى تنبأ رسول الله ﷺ رمى بها.
وأخرج البيهقي في الدلائل عن الزهري قال : إن الله حجب الشياطين عن السمع بهذه النجوم، انقطعت الكهنة فلا كهانة.
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس في قوله :﴿ وأنا كنا نقعد منها مقاعد للسمع ﴾ قال : حرست به السماء حين بعث النبي ﷺ لكيلا يسترق السمع، فأنكرت الجن ذلك، فكان كل من استمع منهم قذف.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : كانت الجن قبل أن يبعث النبي ﷺ يستمعون من السماء، فلما بعث حرست فلم يستطيعوا فجاؤوا إلى قومهم يقولون للذين لم يستمعوا فقالوا :﴿ إنا لمسنا السماء فوجدناها ملئت حرساً شديداً ﴾ وهم الملائكة ﴿ وشهباً ﴾ وهي الكواكب ﴿ وأنا كنا نقعد منها مقاعد للسمع فمن يستمع الآن يجد له شهاباً رصداً ﴾ يقول : نجماً قد أوصد له يرمي به. قال : فلما رموا بالنجم قالوا لقومهم :﴿ أنا لا ندري أشر أريد بمن في الأرض أم أراد بهم ربهم رشداً ﴾.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله :﴿ يجد له شهاباً ﴾ قال : من النجوم ﴿ رصداً ﴾ قال : من الملائكة وفي قوله :﴿ وأنا لا ندري أشر أريد بمن في الأرض ﴾ قالوا : لا ندري لم بعث هذا النبي لأن يؤمنوا به ويتبعوه فيرشدوا أو لأن يكفروا به ويكذبوه فيهلكوا كما هلك من قبلهم من الأمم والله أعلم.