أخرج ابن الضريس وابن مردويه والنحاس والبيهقي عن ابن عباس قال : نزلت سورة المدثر بمكة.
وأخرج ابن مردويه عن ابن الزبير مثله.
وأخرج الطيالسي وعبد الرزاق وأحمد وعبد بن حميد والبخاري ومسلم والترمذي وابن الضريس وابن جرير وابن المنذر وابن مردويه وابن الأنباري في المصاحف قال : سألت أبا سلمة بن عبد الرحمن عن أول ما نزل من القرآن فقال :« يا أيها المدثر » قلت : يقولون ﴿ اقرأ باسم ربك الذي خلق ﴾ فقال أبو سلمة : سألت جابر بن عبدالله عن ذلك قلت له مثل ما قلت. قال جابر : لا أحدثك إلا ما حدثنا رسول الله ﷺ قال :« جاورت بحراء، فلما قضيت جواري فنوديت فنظرت عن يميني فلم أرَ شيئاً، ونظرت عن شمالي فلم أرَ شيئاً، ونظرت خلفي فلم أرَ شيئاً، فرفعت رأسي فإذا الملك الذي جاءني بحراء جالس على كرسي بين السماء والأرض فجثثت منه رعباً، فرجعت فقلت دثروني فدثروني، فنزلت ﴿ يا أيها المدثر قم فأنذر ﴾ إلى قوله :﴿ والرجز فاهجر ﴾ ».
وأخرج الطبراني وابن مردويه بسند ضعيف عن ابن عباس أن الوليد بن المغيرة صنع لقريش طعاماً فلما أكلوا قال : ما تقولون في هذا الرجل؟ فقال بعضهم : ساحر، وقال بعضهم : ليس بساحر، وقال بعضهم : كاهن، وقال بعضهم : ليس بكاهن، وقال بعضهم : شاعر، وقال بعضهم ليس بشاعر، وقال بعضهم : سحر يؤثر، فاجتمع رأيهم على أنه سحر يؤثر فبلغ ذلك النبي ﷺ فخرج وقنع رأسه وتدثر، فأنزل الله ﴿ يا أيها المدثر ﴾ إلى قوله :﴿ ولربك فاصبر ﴾.
وأخرج الحاكم وصححه عن ابن عباس رضي الله عنهما ﴿ يا أيها المدثر ﴾ قال : دثرت هذا الأمر فقم به.
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر عن إبراهيم النخعي رضي الله عنه ﴿ يا أيها المدثر ﴾ قال : كان متدثراً في قطيف، يعني شملة صغيرة الخمل ﴿ وثيابك فطهر ﴾ قال : من الإِثم ﴿ والرجز فاهجر ﴾ قال : الإِثم ﴿ ولا تمنن تستكثر ﴾ قال : لا تعط شيئاً لتعطى أكثر منه ﴿ ولربك فاصبر ﴾ قال : إذا أعطيت عطية فأعطها لربك واصبر حتى يكون هو الذي يثيبك.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه ﴿ يا أيها المدثر ﴾ قال : المتدثر في ثيابه ﴿ قم فأنذر ﴾ قال : أنذر عذاب ربك ووقائعه في الأمم وشدة نقمته إذا انتقم ﴿ وثيابك فطهر ﴾ يقول : طهرها من المعاصي وهي كلمة عربية، كانت العرب إذا نكث الرجل ولم يوف بعهده قالوا : إن فلاناً لدنس الثياب، وإذا أوفى وأصلح قالوا : إن فلاناً لطاهر الثياب ﴿ والرجز فاهجر ﴾ قال : هما صنمان كانا عند البيت أساف ونائلة يمسح وجوههما من أتى عليهما من المشركين، فأمر الله نبيه محمداً أن يهجرهما ويجانبهما ﴿ ولا تمنن تستكثر ﴾ قال : لا تعط شيئاً لمثابة الدنيا ولا لمجازاة الناس.