، فيذكر أنه أخرج في زمن عمر بن الخطاب واصبعه على صدغه كما وضعها حين قتل.
وأخرج عبد بن حميد وابن مردويه عن صهيب أن رسول الله ﷺ قال :« كان ملك ممن كان قبلكم، وكان له ساحر فلما كبر الساحر قال للملك : إني قد كبرت سني وحضر أجلي فادفع إليّ غلاماً أعلمه السحر. فدفع إليه غلاماً فكان يعلمه السحر. وكان بين الساحر وبين الملك راهب فأتى الغلام على الراهب فسمع من كلامه فأعجبه نحوه وكلامه، فكان إذا أتى على الساحر ضربه وقال : ما حبسك؟ فإذا أتى أهله جلس عند الراهب فيبطىء فإذا أتى أهله ضربوه وقالوا : ما حبسك؟ فشكا ذلك إلى الراهب فقال : إذا أراد الساحر أن يضربك فقل : حبسني أهلي، وإذا أراد أهلك أن يضربوك فقل : حبسني الساحر. فبينما هو كذلك إذ أتى ذات يوم على دابة فظيعة عظيمة قد حبست الناس فلا يستطيعون أن يجوزوا، فقال الغلام : اليوم أعلم أمر الراهب أحب إلى الله أم أمر الساحر. فأخذ حجراً فقال : اللهم إن كان أمر الراهب أحب إليك وأرضى لك من أمر الساحر فاقتل هذه الدابة، حتى يجوز الناس. فرماها فقتلها، ومضى الناس فأخبر الراهب بذلك، فقال : أي بني أنت أفضل مني وإنك ستبتلى، فإن ابتليت فلا تدل عليّ. وكان الغلام يبرىء الأكمه والأبرص وسائر الأدواء ويشفيهم، وكان جليس الملك قد عمي فسمع به فأتاه بهدايا كثيرة، فقال له : اشفني ولك ما ههنا أجمع، فقال : ما أشفي أنا أحداً إنما يشفي الله، فإن آمنت بالله دعوت الله فشفاك، فآمن فدعا له فشفاه. ثم أتى الملك فجلس منه نحو ما كان يجلس، فقال له الملك : يا فلان من رد عليك بصرك؟ قال : ربي، قال : أنا. قال : لا. قال : أو لك رب غيري؟ قال : نعم. فلم يزل به يعذبه حتى دل على الغلام، فبعث إليه الملك فقال : أي بني قد بلغ من سحرك أن تبرىء الأكمه والأبرص وهذه الأدواء؟ قال : ما أشفي أنا أحداً ما يشفي غير الله. قال : أنا؟ قال : لا. قال : وإن لك رباً غيري؟ قال : نعم ربي وربك الله. فأخذه أيضاً بالعذاب، فلم يزل به حتى دل على الراهب. فقال له : ارجع عن دينك، فأبى فوضع المنشار في مفرقه حتى وقع شقاه على الأرض، وقال للغلام : ارجع عن دينك فأبى، فبعث به مع نفر إلى جبل كذا وكذا، وقال : إذا بلغتم ذروته فإن رجع عن دينه وإلا فدهدهوه من فوقه، فذهبوا به، فلما علوا به الجبل قال : اللهم اكفنيهم بما شئت. فرجف بهم الجبل فتدهدهوا أجمعين. وجاء الغلام يتلمس حتى دخل على الملك فقال : ما فعل أصحابك؟ قال : كفانيهم الله. فبعث به في قرقور مع نفر فقال : إذا لججتم به البحر فإن رجع عن دينه وإلا فأغرقوه. فلجوا به البحر فقال الغلام : اللهم أكفنيهم بما شئت فغرقوا أجمعين. وجاء الغلام يتلمس حتى دخل على الملك. فقال : ما فعل أصحابك؟ قال : كفانيهم الله. ثم قال للملك : إنك لست بقاتلي حتى تفعل ما آمرك به، فإن أنت فعلت ما آمرك به قتلتني وإلا فإنك لن تستطيع قتلي. قال : وما هو؟ قال : تجمع الناس في صعيد، ثم تصلبني على جذع، وتأخذ سهماً من كنانتي، ثم قل بسم الله رب الغلام فإنك إذا فعلت ذلك قتلتني. ففعل ووضع السهم في كبد القوس ثم رماه، وقال : بسم الله رب الغلام. فوقع السهم في صدغه. فوضع الغلام يده على موضع السهم ومات. فقال الناس : آمنا برب الغلام. فقيل للملك : أرأيت ما كنت تحذر فقد والله نزل بك هذا من الناس كلهم فأمر بأفواه السكك فخدت فيها الأخدود، وأضرمت فيها النيران وقال : من رجع عن دينه فدعوه وإلا فاقحموه فيها. فكانوا يتقارعون فيها ويتدافعون، فجاءت امرأة بابن لها صغير فكأنها تقاعست أن تقع في النار فقال الصبي : يا أمه اصبري فإنك على الحق ».


الصفحة التالية
Icon