« من عمل منكم خيراً فجزاؤه في الآخرة، ومن عمل منكم شراً يراه في الدنيا مصيبات وأمراضاً، ومن يكن فيه مثقال ذرة من خير دخل الجنة ».
وأخرج ابن مردويه عن أبي ادريس الخولاني رضي الله عنه قال :« كان أبو بكر الصديق رضي الله عنه يأكل مع رسول الله ﷺ إذ نزلت عليه هذه الآية ﴿ فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره ﴾ فأمسك أبو بكر يده وقال : يا رسول الله إنا لراؤون ما عملنا من خير أو شر؟ فقال رسول الله ﷺ :» يا أبا بكر أرأيت ما رأيت مما تكره فهو من مثاقيل الشر ويدخر لك مثاقيل الخير حتى توفاه يوم القيامة، وتصديق ذلك في كتاب الله ﴿ وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفوا عن كثير ﴾ [ الشورى : ٣٠ ] « ».
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي سعيد الخدري قال :« لما أنزلت هذه الآية ﴿ فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره ﴾ قلت : يا رسول الله إني لراء عملي؟ قال : نعم. قلت : تلك الكبار الكبار؟ قال : نعم. قلت : الصغار الصغار. قال : نعم. قلت : واثكل أمي. قال : أبشر يا أبا سعيد فإن الحسنة بعشر أمثالها يعني إلى سبعمائة ضعف، والله يضاعف لمن يشاء والسيئة بمثلها أو يعفو الله، ولن ينجو أحد منك بعمله. قلت : ولا أنت يا نبي الله؟ قال : ولا أنا الا أن يتغمدني الله منه بالرحمة ».
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في قوله :﴿ فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره ﴾ الآية قال : لما نزلت ﴿ ويطعمون الطعام على حبه ﴾ [ الإِنسان : ٨ ] كان المسلمون يرون أنهم لا يؤجرون على الشيء القليل إذا أعطوه، فيجيء السائل إلى أبوابهم فيستقلون أن يعطوه التمرة والكسرة فيردونه، ويقولون : ما هذا بشيء إنما نؤجر على ما نعطي ونحن نحبه، وكان آخرون يرون أنهم لا يلامون على الذنب اليسير كالكذبة والنظرة والغيبة وأشباه ذلك، ويقولون : إنما وعد الله النار على الكبائر فرغبهم في الخير القليل أن يعملوه فإنه يوشك أن يكثر، وحذرهم اليسير من الشر فإنه يوشك أن يكثر ﴿ فمن يعمل مثقال ذرة ﴾ يعني وزن أصغر النمل ﴿ خيراً يره ﴾ يعني في كتابه ويسره ذلك.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر والبيهقي في البعث عن ابن عباس في قوله :﴿ فمن يعمل مثقال ذرة ﴾ الآية قال : ليس من مؤمن ولا كافر عمل خيراً ولا شراً في الدنيا إلا أره الله إياه، فأما لمؤمن فيريه الله حسناته وسيئاته فيغفر له من سيئاته ويثيبه على حسناته، وأما الكافر فيريه حسناته وسيئاته فيرد حسناته ويعذبه بسيئاته.


الصفحة التالية
Icon