وأخرج ابن مردويه عن أبي سعيد قال :« كان النبي ﷺ على جدول فأتي برطب وماء بارد فأكل من الرطب وشرب من الماء، ثم قال : هذا من النعيم الذي تسألون عنه ».
وأخرج أبو يعلى وابن مردويه عن أبي بكر الصديق قال :« انطلقت مع النبي ﷺ ومعنا عمر إلى رجل يقال له الواقفي، فذبح لنا شاة، فقال النبي ﷺ : إياك وذات الدر، فأكلنا ثريداً ولحماً وشربنا ماء، فقال النبي ﷺ : هذا من النعيم الذي تسألون عنه ».
وأخرج ابن مردويه عن ابن عمر « أن النبي ﷺ خرج في ساعة لم يكن يخرج فيها، ثم خرج أبو بكر فقال له رسول الله ﷺ : ما أخرجك يا أبا بكر؟ قال : أخرجني الجوع. قال : وأخرجني الذي أخرجك. ثم خرج عمر، فقال له رسول الله ﷺ : ما أخرجك يا عمر؟ قال : أخرجني والذي بعثك بالحق الجوع. ثم جاء أناس من أصحابه فقال : انطلقوا بنا إلى منزل أبي الهيثم فقالت لهم امرأته : إنه ذهب يستعذب لنا فدوروا إلى الحائط، ففتحت لهم باب البستان فدخلوا فجلسوا، فجاء أبو الهيثم، فقالت له امرأته : أتدري من عندك؟ قال : لا قالت له : عندك رسول الله ﷺ وأصحابه، فدخل عليهم فعلق قربته على نخلة ثم أخذ مخرفاً فأتى عذقاً له، فاخترف لهم رطباً فأتاهم به، فصبه بين أيديهم، فأكلوا منه، وبرد لهم ذلك الماء فشربوا منه، فقال لهم رسول الله ﷺ : هذا من النعيم الذي تسألون عنه ».
وأخرج البيهقي في الدلائل عن أبي الهيثم بن التيهان « أن أبا بكر الصديق خرج فإذا هو بعمر جالساً في المسجد، فعمد نحوه فوقف فسلم، فرد عمر فقال له أبو بكر : ما أخرجك هذه الساعة؟ فقال له عمر : بل أنت ما أخرجك هذه الساعة؟ قال أبو بكر : إني سألتك قبل أن تسألني. فقال عمر : أخرجني الجوع. فقال أبو بكر : وأنا أخرجني الذي أخرجك. فلبثا يتحدثان وطلع النبي ﷺ فعمد نحوهما حتى وقف عليهما فسلم فردا السلام فقال : ما أخرجكما هذه الساعة؟ فنظر كل واحد منهما إلى صاحبه ليس منهما واحد إلا وهو يريد أن يخبره صاحبه فقال أبو بكر : يا رسول الله خرج قبلي وخرجت بعده، فسألته ما أخرجك هذه الساعة فقال : بل أنت ما أخرجك هذه الساعة؟ فقلت : إني سألتك قبل أن تسألني فقال : بل أخرجني الجوع. فقلت له : أخرجني الذي أخرجك فقال له النبي ﷺ : وأنا فأخرجني الذي أخرجكما فقال لهما النبي ﷺ : تعلمان من أحد نضيفه؟ قالا : نعم أبو الهيثم بن التيهان له أعذق وجدي إن جئناه نجد عنده فضل تمر. فخرج النبي ﷺ وصاحباه حتى دخلوا الحائط، فسلم النبي ﷺ فسمعت أم الهيثم تسليمه، ففدت بالأب والأم، وأخرجت حلساً لها من شعر فجلسوا عليه، فقال النبي ﷺ : فأين أبو الهيثم فقالت : ذاك ذهب ليستعذب لنا من الماء. وطلع أبو الهيثم بالقربة على رقبته، فلما أن رأى وضح النبي ﷺ بين ظهراني النخل أسندها إلى جذع وأقبل يفدي بالأب والأم، فلما رآهم عرف الذي بهم فقال لأم الهيثم : هل أطعمت رسول الله ﷺ وصاحبيه شيئاً؟ فقالت : إنما جلس النبي ﷺ الساعة. قال : فما عندك؟ قالت : عندي حبات من شعير. قال : كركريها واعجني واخبزي إذ لم يكونوا يعرفون الخمير. قال : وأخذ الشفرة فرآه النبي ﷺ مولياً فقال : إياك وذات الدر. فقال : يا رسول الله إنما أريد عنيقاً في الغنم، فذبح ونصب، فلم يلبث إذ جاء بذلك إلى النبيّ ﷺ فأكل النبي ﷺ وصاحباه فشبعوا لا عهد لهم بمثلها. فما مكث النبي ﷺ إلا يسيراً حتى أتي بأسير من اليمن فجاءته فاطمة ابنة النبي ﷺ تشكو إليه العمل وتريه يديها وتسأله إياه. قال : لا، ولكن أعطيه أبا الهيثم فقد رأيته وما لقي هو وامرأته يوم ضفناهم، فأرسل إليه وأعطاه إياه فقال : خذ هذا الغلام يعينك على حائطك واستوص به خيراً : فمكث عند أبي الهيثم ما شاء الله أن يمكث فقال : لقد كنت مستقلاً أنا وصاحبتي بحائطنا اذهب فلا رب لك إلا الله، فخرج ذلك الغلام إلى الشام ورزق فيها ».


الصفحة التالية
Icon