أخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : أنزل ﴿ ألم تر كيف فعل ربك ﴾ بمكة.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو نعيم في الدلائل عن عثمان بن المغيرة بن الأخنس قال : كان من حديث أصحاب الفيل أن أبرهة الأشرم الحبشي كان ملك اليمن، وإن ابن ابنته أكسوم بن الصباح الحميريّ خرج حاجاً، فلما انصرف من مكة نزل في كنيسة بنجران فغدا عليها ناس من أهل مكة فأخذوا ما فيها من الحليّ وأخذوا متاع أكسوم، فانصرف إلى جده مغضباً، فبعث رجلاً من أصحابه يقال له شهر بن معقود على عشرين ألفاً من خولان والاشعريين فساروا حتى نزلوا بأرض خثعم فتنحت خثعم عن طريقهم، فلما دنا من الطائف خرج إليه ناس من بني خثعم ونصر وثقيف فقالوا : ما حاجتك إلى طائفنا، وإنما هي قرية صغيرة، ولكنا ندلك على بيت بمكة يعبد وحرز من لجأ إليه من ملكه تم له ملك العرب، فعليك به ودعنا منك فأتاه حتى إذا بلغ المغمس وجد إبلاً لعبد المطلب مائة ناقة مقلدة فاتهبها بين أصحابه، فلما بلغ ذلك عبد المطلب جاءه، وكان جميلاً، وكان له صديقاً من أهل اليمن يقال له ذو عمرو فسأله أن يرد عليه إبله، فقال : إني لا أطيق ذلك، ولكن إن شئت أدخلتك على الملك فقال عبد المطلب افعل. فأدخله عليه فقال له : إن لي إليك حاجة. قال : قضيت كل حاجة تطلبها. قال : أنا في بلد حرام وفي سبيل بين أرض العرب وأرض العجم، وكانت مائة ناقة لي مقلدة ترعى بهذا الوادي بين مكة وتهامة عليها عير أهلها وتخرج إلى تجارتنا وتتحمل من عدوّنا عدا عليها جيشك فأخذوها، وليس مثلك يظلم من جاوره. فالتفت إلى ذي عمرو ثم ضرب بإحدى يديه على الأخرى عجباً فقال : لو سألني كل شيء أحوزه أعطيته إياه أما ابلك فقد رددنا إليك ومثلها معها، فما يمنعك أن تكلمني في بنيتكم هذه وبلدكم هذه فقال له عبد المطلب : أما بنيتنا هذه وبلدنا هذه فإن لهما رباً إن شاء أن يمنعهما منعهما، ولكني إنما أكلمك في مالي فأمر عند ذلك بالرحيل وقال : لتهدمن الكعبة ولتنهبن مكة فانصرف عبد المطلب وهو يقول :
لا همّ إن المرء يمنع رحله فامنع حلالك | لا يغلبن صليبهم ومحالهم عدواً محالك |
فإذا فعلت فربما تحمى فأمر ما بدا لك | فإذا فعلت فإنه أمر تتم به فعالك |
وغدوا غداً بجموعهم والفيل كي يسبوا عيالك | فإذا تركتهم وكعبتا فوا حرباً هنالك |