وأخرج ابن مردويه عن عائشة رضي الله عنها قالت : آلى رسول الله ﷺ من نسائه وحرم فجعل الحرام حلالاً وجعل في اليمين كفارة.
وأخرج ابن مردويه عن ابن مسعود قال : آلى النبي ﷺ من نسائه وحرم، فأما الحرام فأحله الله له، وأما الإِيلاء فأمره بكفارة اليمين.
وأخرج عبد بن حميد عن عاصم أنه قرأ ﴿ وإن تظاهرا عليه ﴾ خفيفة ﴿ عسى ربه إن طلقكن أن يبدله ﴾ خفيفة مرفوعة الياء ﴿ سائحات ﴾ خفيفة الألف.
وأخرج عبد بن حميد ومسلم وابن مردويه عن ابن عباس قال : حدثني عمر بن الخطاب قال :« لما اعتزل رسول الله ﷺ نساءه دخلت المسجد، فإذا الناس ينكتون بالحصى ويقولون : طلق رسول الله ﷺ نساءه، وذلك قبل أن يؤمر بالحجاب، فقلت : لأعلمن ذلك اليوم، فدخلت على عائشة فقلت يا بنت أبي بكر، أقد بلغ من شأنك أن تؤذي رسول الله ﷺ ؟ قالت : ما لي ولك يا ابن الخطاب. فدخلت على حفصة فقلت لها يا حفصة، أقد بلغ من شأنك أن تؤذي رسول الله ﷺ ؟ والله لقد علمت أن رسول الله ﷺ لا يحبك، ولولا أنا لطلقك رسول الله، فبكت أشد البكاء، فقلت لها : أين رسول الله ﷺ ؟ قالت : هو في خزانته في المشربة. فدخلت، فإذا أنا برباح مولى رسول الله ﷺ قاعداً على أسكفة المشربة مدلياً رجليه على نقير من خشب، وهو جذع يرقى عليه رسول الله ﷺ وينحدر، فناديت : يا رباح استأذن لي عندك على رسول الله ﷺ، فنظر رباح إلى الغرفة ثم نظر إليّ فلم يقل شيئاً. فقلت يا رباح : استأذن لي عندك على رسول الله ﷺ، فنظر رباح إلى الغُرفة ثم نظر إليّ فلم يقل شيئاً، ثم رفعت صوتي، فقلت : يا رباح. استأذن لي عندك على رسول الله ﷺ فإني أظن أن رسول الله ﷺ ظن أني جئت من أجل حفصة، والله لئن أمرني رسول الله ﷺ بضرب عنقها لأضربن عنقها، ورفعت صوتي فأومأ إليّ بيده أن ارقه، فدخلت على رسول الله ﷺ وهو مضطجع على حصير فجلست فإذا عليه إزار ليس عليه غيره، وإذا الحصير قد أثر في جنبه، ونظرت في خزانة رسول الله ﷺ فإذا أنا بقبضة من شعير نحو الصاع ومثلها من قرظ في ناحية الغرفة، وإذا أفيق معلق فابتدرت عيناي، فقال : ما يبكيك يا ابن الخطاب؟ فقلت يا نبي الله : وما لي لا أبكي وهذا الحصير قد أثر في جنبك، وهذه خزانتك لا أرى فيها إلا ما أرى؟ وذاك كسرى وقيصر في الثمار والأنهار، وأنت رسول الله وصفوته وهذه خزانتك. ، قال : يا ابن الخطاب ألا ترضى أن تكون لنا الآخرة ولهم الدنيا، قلت : بلى، ودخلت عليه حين دخلت وأنا أرى في وجهه الغضب، فقلت يا رسول الله : ما يشق عليك من شأن النساء فإن كنت طلقتهن، فإن الله تعالى معك وملائكته وجبريل وميكائيل وأنا وأبو بكر والمؤمنون معك، وقلما تكلمت وأحمد الله بكلام إلا رجوت أن يكون الله يصدق قولي الذي أقوله، ونزلت هذه الآية ﴿ عسى ربه أن طلقكن أن يبدله أزواجاً خيراً منكن وإن تظاهرا عليه فإن الله هو مولاه وجبريل وصالح المؤمنين والملائكة بعد ذلك ظهير ﴾ وكانت عائشة رضي الله عنها بنت أبي بكر وحفصة تظاهران على سائر نساء النبي ﷺ، فقلت يا رسول الله : أطلقتهن؟ قال : لا. قلت يا رسول الله : إني دخلت المسجد والمؤمنون ينكتون الحصى ويقولون : طلق رسول الله ﷺ نساءه، أفانزل فأخبرهم أنك لم تطلقهن؟ قال : نعم إن شئت، ثم لم أزل أحدثه حتى تحسر الغضب عن وجهه، وحتى كشر وضحك وكان من أحسن الناس ثغراً، فنزل رسول الله ﷺ ونزلت أتشبث بالجذع، ونزل نبي الله ﷺ كأنما يمشي على الأرض ما يمسه بيده، فقلت يا رسول الله : إنما كنت في الغرفة تسعاً وعشرين، فقال رسول الله ﷺ : إن الشهر قد يكون تسعاً وعشرين، فقمت على باب المسجد فناديت بأعلى صوتي : لم يطلق رسول الله ﷺ نساءه. قال : ونزلت هذه الآية ﴿ وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم ﴾ [ النساء : ٨٣ ] فكنت أنا استنبطت ذلك الأمر وأنزل الله آية التخيير ».


الصفحة التالية
Icon