وفي قوله :﴿ وقد كانوا يدعون إلى السجود وهم سالمون ﴾ قال : في الصلوات.
وأخرج ابن مردويه عن كعب الحبر قال : والذي أنزل التوراة على موسى والإِنجيل على عيسى والزبور على داود والفرقان على محمد أنزلت هذه الآيات في الصلوات المكتوبات حيث ينادي بهن ﴿ يوم يكشف عن ساق ﴾ إلى قوله :﴿ وقد كانوا يدعون إلى السجود وهم سالمون ﴾ الصلوات الخمس إذا نودي بها.
وأخرج البيهقي في شعب الإِيمان عن سعيد بن جبير في قوله :﴿ وقد كانوا يدعون إلى السجود ﴾ قال : الصلوات في الجماعات.
وأخرج البيهقي عن ابن عباس في قوله :﴿ وقد كانوا يدعون إلى السجود ﴾ قال : الرجل يسمع الأذان فلا يجيب الصلاة.
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن قال : قال رسول الله ﷺ :« يجمع الله الخلائق يوم القيامة ثم ينادي مناد : من كان يعبد شيئاً فليتبعه، فيتبع كل قوم ما كانوا يعبدون، ويبقى المسلمون وأهل الكتاب، فيقال لليهود : ما كنتم تعبدون؟ فيقولون الله وموسى، فيقال لهم : لستم من موسى وليس موسى منكم، فيصرف بهم ذات الشمال، ثم يقال للنصارى : ما كنتم تعبدون؟ فيقولون الله وعيسى. فيقال لهم : لستم من عيسى وليس عيسى منكم، ثم يصرف بهم ذات الشمال، ويبقى المسلمون فيقال لهم : ما كنتم تعبدون؟ فيقولون : الله، فيقال لهم : هل تعرفونه؟ فيقولون : إن عرّفنا نفسه عرفناه، فعند ذلك يؤذن لهم في السجود بين كل مؤمنين منافق، فتقصم ظهورهم عن السجود، ثم قرأ هذه الآية ﴿ ويدعون إلى السجود فلا يستطيعون ﴾ ».
وأخرج إسحق بن راهويه في مسنده وعبد بن حميد وابن أبي الدنيا والطبراني والآجري في الشريعة والدارقطني في الرؤية والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في البعث عن عبد الله بن مسعود عن النبي ﷺ قال :« يجمع الله الناس يوم القيامة، وينزل الله في ظلل من الغمام فينادي منادٍ يا أيها الناس ألم ترضوا من ربكم الذي خلقكم وصوّركم ورزقكم أن يولي كل إنسان منكم ما كان يعبد في الدنيا ويتولى أليس ذلك من ربكم عدلاً؟ قالوا : بلى، قال : فينطلق كل إنسان منكم إلى ما كان يعبد في الدنيا ويتمثل لهم ما كانوا يعبدون في الدنيا، فيتمثل لمن كان يعبد عيسى شيطان عيسى، ويتمثل لمن كان يعبد عزيراً شيطان عزير، حتى يمثل لهم الشجرة والعود والحجر ويبقى أهل الإِسلام جثوماً فيتمثل لهم الرب تعالى، فيقول لهم : ما لكم لم تنطلقوا كما انطلق الناس؟ فيقولون : إن لنا ربّاً ما رأيناه بعد، فيقول : فبم تعرفون ربكم إن رأيتموه؟ قالوا : بيننا وبينه علامة إن رأيناه عرفناه. قال : وما هي؟ قال :﴿ يكشف عن ساق ﴾ فيكشف عند ذلك عن ساق فيخر كل من كان يسجد طائعاً ساجداً، ويبقى قوم ظهورهم كصياصي البقر يريدون السجود فلا يستطيعون، ثم يؤمرون فيرفعوا رؤوسهم، فيعطون نورهم على قدر أعمالهم، فمنهم من يعطى نوره مثل الجبل بين يديه، ومنهم من يعطى نوره فوق ذلك، ومنهم من يعطى نوره مثل النخلة بيمينه، ومنهم من يعطى نوره دون ذلك بيمينه، حتى يكون آخر ذلك من يعطى نوره على إبهام قدميه يضيء مرة ويطفأ مرة، فإذا أضاء قدم قدمه، وإذا طفىء قام، فيمر ويمرون على الصراط والصراط كحدّ السيف دحض مزلة، فيقال لهم : انجوا على قدر نوركم، فمنهم من يمر كانقضاض الكوكب، ومنهم من يمر كالطرف، ومنهم من يمر كالريح، ومنهم من يمر كشد الرجل ويرمل رملاً، يمرون على قدر أعمالهم حتى يمر الذي نوره على إبهام قدمه يجر يداً ويعلق يداً، ويجر رجلاً ويعلق رجلاً، وتصيب جوانبه النار، فيخلصون فإذا خلصوا قالوا : الحمد لله الذي نجانا منك بعد الذي أراناك. لقد أعطانا الله ما لم يعط أحداً، فينطلقون إلى ضحضاح عند باب الجنة، فيغتسلون فيعود إليهم ريح أهل الجنة، وألوانهم، ويرون من خلل باب الجنة وهو يصفق منزلاً في أدنى الجنة فيقولون : ربنا أعطنا ذلك المنزل، فيقول لهم : أتسألون الجنة وقد نجيتكم من النار، فيقولون : ربنا أعطنا، حل بيننا وبين النار، هذا الباب لا نسمع حسيسها، فيقول لهم : لعلكم إن أُعْطِيتُمُوهُ أن تسألوا غيره، فيقولون : لا وعزتك لا نسأل غيره، وأي منزل يكون أحسن منه؟ قال : فيدخلون الجنة ويرفع لهم منزل أمام ذلك كان الذي رأوا قبل ذلك حلم عنده فيقولون : ربنا أعطنا ذلك المنزل، فيقول : لعلكم إن أعطيتكموه أن تسألوا غيره، فيقولون : لا وعزتك لا نسأل غيره، وأي منزل أحسن منه؟ فيعطونه، ثم يرفع لهم أمام ذلك منزل آخر كان الذي رأوا قبل ذلك حلم عند هذا الذي رأوا فيقولون : ربنا أعطنا ذلك المنزل، فيقول : لعلكم إن أعطيتكموه أن تسألوا غيره، فيقولون : لا وعزتك لا نسأل غيره وأي منزل أحسن منه؟ ثم يسكتون فيقولون لهم : ما لكم لا تسألون فيقولون : ربنا قد سألناك حتى استحينا، فيقال لهم : ألم ترضوا أن أعطيكم مثل الدنيا منذ يوم خلقتها إلى يوم أفنيتها وعشرة أضعافها؟ فيقولون : أتستهزىء بنا وأنت رب العالمين؟ »


الصفحة التالية
Icon