فأحل فيه حلاله، وحرم فيه حرامه، وشرع فيه شرائعه، وَحَدَّ فيه حدوده، وفرض فيه فرائضه، وبَيَّنَ فيه بيانه، وأمر بطاعته، ونهى عن معصيته.
وأخرج ابن جرير عن محمد بن جعفر بن الزبير ﴿ وأنزل الفرقان ﴾ أي الفصل بين الحق والباطل فيما اختلف فيه الأحزاب من أمر عيسى وغيره. وفي قوله ﴿ إن الذين كفروا بآيات الله لهم عذاب شديد والله عزيز ذو انتقام ﴾ أي أن الله منتقم ممن كفر بآياته بعد علمه بها، ومعرفته بما جاء منه فيها. وفي قوله ﴿ إن الله لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء ﴾ أي قد علم ما يريدون، وما يكيدون، وما يضاهون بقولهم في عيسى. إذ جعلوه رباً، وإلهاً، وعندهم من علمه غير ذلك، غرة بالله وكفراً به ﴿ هو الذي يصوّركم في الأرحام كيف يشاء ﴾ قد كان عيسى ممن صور في الأرحام لا يدفعون ذلك ولا ينكرونه، كما صور غيره من بني آدم فكيف يكون إلهاً وقد كان بذلك المنزل؟
وأخرج ابن المنذر عن ابن مسعود في قوله ﴿ يصوركم في الأرحام كيف يشاء ﴾ قال : ذكوراً وإناثاً.
وأخرج ابن جرير من طريق السدي عن أبي مالك وعن أبي صالح وعن ابن عباس عن مرة عن ابن مسعود وناس من الصحابة. في قوله ﴿ هو الذي يصوّركم في الأرحام كيف يشاء ﴾ قال : إذا وقعت النطفة في الأرحام طارت في الجسد أربعين يوماً، ثم تكون علقة أربعين يوماً، ثم تكون مضغة أربعين يوماً. فإذا بلغ أن يخلق، بعث الله ملكاً يصوّرها فيأتي الملك بتراب بين اصبعيه، فيخلط فيه المضغة، ثم يعجنه بها، ثم يصوّره كما يؤمر، ثم يقول أذكر أم أنثى، أشقي أم سعيد، وما رزقه، وما عمره، وما أثره، وما مصائبه؟ فيقول الله... ويكتب الملك. فإذا مات ذلك الجسد دفن حيث أخذ ذلك التراب.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة ﴿ هو الذي يصوّركم في الأرحام كيف يشاء ﴾ قال : من ذكر، وأنثى، وأحمر، وأبيض، وأسود، وتام، وغير تام الخلق.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي العالية في قوله ﴿ العزيز الحكيم ﴾ قال : العزيز في نقمته إذا انتقم، الحكيم في أمره.


الصفحة التالية
Icon