قال : وكيف ذلك؟! قالت : إن الله خلق البذر الأول من غير نبات، وأنبت الزرع الأول من غير بذر، ولعلك تقول : لولا أنه استعان عليه بالبذر لغلبه حتى لا يقدر على أنه يخلقه ولا ينبته. قال يوسف : أعوذ بالله أن أقول ذلك. قد صدقت وقلت بالنور والحكمة، وكما قدر أن يخلق الزرع الأول وينتبه من غير بذر، يقدر على أن يجعل زرعاً من غير بذر، فاخبريني هل ينبت الشجر من غير ماء ولا مطر؟ قالت : ألم تعلم أن للبذور والزرع والماء والمطر والشجر خالقاً واحداً! فلعلك تقول لولا الماء والمطر لم يقدر على أن ينبت الشجر. قال : أعوذ بالله أن أقول ذلك! قد صدقت. فاخبريني هل يكون ولد أو رجل من غير ذكر؟ قالت : نعم. قال : وكيف ذلك؟ قالت : ألم تعلم أن الله خلق آدم وحواء امرأته من غير حبل ولا أنثى ولا ذكر قال : بلى. فاخبريني خبرك؟ قالت : بشرني الله ﴿ بكلمة منه اسمه المسيح عيسى ابن مريم ﴾ إلى قوله ﴿ ومن الصالحين ﴾ فعلم يوسف أن ذلك أمر من الله لسبب خير أراده بمريم، فسكت عنها.
فلم تزل على ذلك حتى ضربها الطلق، فنوديت أن أخرجي من المحراب فخرجت.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله ﴿ إذ قالت الملائكة يا مريم إن الله يبشرك ﴾ قال : شافهتها الملائكة بذلك.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله ﴿ يبشرك بكلمة منه ﴾ قال : عيسى هو الكلمة من الله.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : لم يكن من الأنبياء من له اسمان إلا عيسى ومحمد عليهما السلام.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن إبراهيم قال : المسيح الصديق.
وأخرج ابن جرير عن سعيد قال : إنما سمي المسيح لأنه مسح بالبركة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن يحيى بن عبد الرحمن الثقفي. أن عيسى كان سائحاً ولذلك سمي المسيح. كان يمسي بأرض ويصبح بأخرى، وانه لم يتزّوج حتى رفع.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في قوله ﴿ ومن المقربين ﴾ يقول : ومن المقربين عند الله يوم القيامة.


الصفحة التالية
Icon