فمر بصاحب بقر فقال : يا صاحب البقر أجزرنا من بقرك هذه عجلاً. فأعطاه فذبحه وشواه وصاحب البقر ينظر فقال له عيسى : كل ولا تكسر عظماً. فلما فرغوا قذف العظام في الجلد، ثم ضربه بعصاه وقال : قم بإذن الله تعالى، فقام له خوار فقال : يا صاحب البقر خذ عجلك. قال : من أنت؟ قال : أنا عيسى قال : أنت عيسى الساحر؟ ثم فر منه.
قال عيسى لليهودي : بالذي أحيا هذه الشاة بعدما أكلناها، والعجل بعدما أكلناه كم رغيفاً كان معك؟ فحلف بذلك ما كان معه إلا رغيف واحد. فانطلقا حتى نزلا قرية، فنزل اليهودي في أعلاها، وعيسى في أسفلها، وأخذ اليهودي عصا مثل عصا عيسى وقال : أنا اليوم أحيي الموتى. وكان ملك تلك القرية مريضاً شديد المرض. فانطلق اليهودي ينادي : من يبغي طبيباً؟ فأُخْبِرَ بالملك وبوجعه فقال : ادخلوني عليه فأنا أبرئه، وإن رأيتموه قد مات فأنا أحييه فقيل له : إن وجع الملك قد أعيا الأطباء قبلك! قال : ادخلوني عليه، فأُدْخِلَ عليه، فأخذ برجل الملك فضربه بعصاه حتى مات، فجعل يضربه وهو ميت ويقول : قم بإذن الله تعالى. فأخذوه ليصلبوه، فبلغ عيسى فأقبل إليه وقد رفع على الخشبة فقال : أرأيتم أن أحييت لكم صاحبكم أتتركون لي صاحبي؟ فقالوا : نعم. فأحيا عيسى الملك فقام. وأنزل اليهودي فقال : يا عيسى أنت أعظم الناس علي منة والله لا أفارقك أبداً.
قال عيسى أنشدك بالذي أحيا الشاة والعجل بعدما أكلناهما، وأحيا هذا بعد ما مات، وأنزلك من الجذع بعد رفعك عليه لتصلب. كم رغيفاً كان معك؟ فحلف بهذا كله ما كان معه إلا رغيف واحد. فانطلقا فمرا بثلاث لبنات، فدعا الله عيسى فصيرهن من ذهب قال : يا يهودي لبنة لي، ولبنة لك، ولبنة لمن أكل الرغيف. قال : أنا أكلت الرغيف.
وأخرج ابن عساكر عن ليث قال : صحب رجل عيسى ابن مريم، فانطلقا فانتهينا إلى شاطئ نهر، فجلسا يتغديان ومعهما ثلاثة أرغفة، فأكلا رغيفين وبقي رغيف. فقام عيسى إلى النهر يشرب ثم رجع فلم يجد الرغيف. فقال للرجل : من أكل الرغيف؟ قال : لا أدري! فانطلق معه فرأى ظبية معها خشفان، فدعا أحدهما، فأتاه فذبحه وشواه وأكلا ثم قال للخشف : ثم بإذن الله فقال للرجل : أسألك بالذي أراك هذه الآية من أكل الرغيف؟ قال : لا أدري! ثم انتهيا إلى البحر، فأخذ عيسى بيد الرجل، فمشى على الماء ثم قال : أنشدك بالذي أراك هذه الآية من أخذ الرغيف؟ فقال : لا أدري.
ثم انتهيا إلى مفازة وأخذ عيسى تراباً وطيناً فقال : كن ذهباً بإذن الله. فصار ذهباً، فقسمه ثلاثة أثلاث فقال : ثلث لك، وثلث لي، وثلث لمن أخذ الرغيف. قال : أنا أخذنه. قال : فكله لك وفارقه عيسى، فانتهى إليه رجلان فأرادا أن يأخذاه ويقتلاه قال : هو بيننا أثلاثاً، فابعثوا أحدكم إلى القرية يشتري لنا طعاماً.