وأخرج أبو نعيم في الدلائل من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس « أن وفد نجران من النصارى قدموا على رسول الله ﷺ وهم أربعة عشر رجلاً من أشرافهم. منهم السيد وهو الكبير، والعاقب وهو الذي يكون بعده، وصاحب رأيهم، فقال رسول الله لهما : أسلما قالا : أسلمنا. قال : ما أسلمتما. قالا : بلى. قد أسلمنا قبلك. قال : كذبتما يمنعكم من الإسلام ثلاث فيكما. عبادتكما الصليب، وأكلكما الخنزير، وزعمكما أن لله ولداً. ونزل ﴿ إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب... ﴾ الآية. فلما قرأها عليهم قالوا : ما نعرف ما تقول. ونزل ﴿ فمن حاجَّك فيه من بعد ما جاءك من العلم ﴾ يقول : من جادلك في أمر عيسى من بعد ما جاءك من العلم من القرآن ﴿ فقل تعالوا ﴾ إلى قوله ﴿ ثم نبتهل ﴾ يقول : نجتهد في الدعاء أن الذي جاء به محمد هو الحق، وإن الذي يقولون هو الباطل فقال لهم : إن الله قد أمرني إن لم تقبلوا هذا أن أباهلكم فقالوا : يا أبا القاسم بل نرجع فننظر في أمرنا ثم نأتيك. فخلا بعضهم ببعض وتصادقوا فيما بينهم قال السيد للعاقب : قد والله علمتم أن الرجل نبي مرسل، ولئن لاعنتموه إنه ليستأصلكم، وما لاعن قوم قط نبياً فبقي كبيرهم، ولا نبت صغيرهم. فإن أنتم لم تتعوه وأبيتم إلا إلف دينكم فوادعوه وارجعوا إلى بلادكم. وقد كان رسول الله ﷺ خرج ومعه علي، والحسن، والحسين، وفاطمة، فقال رسول الله ﷺ :» إن أنا دعوت فأمنوا أنتم. فأبوا أن يلاعنوه وصالحوه على الجزية « ».
وأخرج أبو نعيم في الدلائل من طريق عطاء والضحاك عن ابن عباس « أن ثمانية من أساقف العرب من أهل نجران قدموا على رسول الله ﷺ منهم العاقب، والسيد، فأنزل الله ﴿ قل تعالوا ندع أبناءنا ﴾ إلى قوله ﴿ ثم نبتهل ﴾ يريد ندع الله باللعنة على الكاذب. فقالوا : أخرنا ثلاثة أيام، فذهبوا إلى بني قريظة، والنضير، وبني قينقاع، فاستشارهم. فاشاروا عليهم أن يصالحوه ولا يلاعنوه، وهو النبي الذي نجده في التوراة. فصالحوا النبي ﷺ على ألف حلة في صفر، وألف في رجب ودراهم ».