نهاهم أن يصدوا المسلمين عن سبيل الله، ويريدون أن يعدلوا الناس إلى الضلالة.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة في قوله ﴿ يا أيها الذين آمنوا إن تطيعوا فريقاً ﴾ الآية. قد تقدم الله إليكم فيهم كما تسمعون، وحذركموهم وأنبأكم بضلالتهم، فلا تأتمنوهم على دينكم، ولا تنصحوهم على أنفسكم، فإنهم الأعداء الحسدة الضلال. كيف تأتمنون قوماً كفروا بكتابهم، وقتلوا رسلهم، وتحيروا في دينهم، وعجزوا عن أنفسهم؟ أولئك والله أهل التهمة والعداوة.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله ﴿ وكيف تكفرون وأنتم تتلى عليكم آيات الله وفيكم رسوله ﴾ قال : علمان بينان : نبي الله، وكتاب الله، فأما نبي الله فمضى ﷺ. وأما كتاب الله فأبقاه الله بين أظهركم رحمة من الله ونعمة. فيه حلاله، وحرامه، ومعصيته.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن جريج في قوله ﴿ ومن يعتصم بالله ﴾ قال : يؤمن بالله.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي العالية قال « الاعتصام بالله » الثقة به.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الربيع رفع الحديث إلى النبي ﷺ أنه قال « إن الله قضى على نفسه أن من آمن به هداه، ومن وثق به أنجاه. قال الربيع : تصديق لك في كتاب الله ﴿ ومن يعتصم بالله فقد هُدِيَ إلى صراط مستقيم ﴾ ».
وأخرج عبد بن حميد من طريق الربيع عن أبي العالية قال : إن الله قضى على نفسه؛ أنه من آمن به هداه، ومن توكل عليه كفاه، ومن أقرضه جزاه، ومن وثق به أنجاه، ومن دعا استجاب له بعد أن يستجيب لله. قال الربيع : وتصديق ذلك في كتاب الله ﴿ ومن يؤمن بالله يهد قلبه ﴾ [ التغابن : ١١ ]، ﴿ ومن يتوكل على الله فهو حسبه إن الله بالغ أمره ﴾ [ الطلاق : ٣ ]، ﴿ ومن يقرض الله قرضاً حسناً يضاعفه له ﴾ ﴿ ومن يعتصم بالله فقد هدي إلى صراط مستقيم ﴾، ﴿ وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي ﴾ [ البقرة : ١٨٦ ].
وأخرج تمام في فوائده عن كعب بن مالك قال « قال رسول الله ﷺ : أوحى الله إلى داود : يا داود ما من عبد يعتصم بي دون خلقي أعرف ذلك من نيته فتكيده السموات بمن فيها إلا جعلت له من بين ذلك مخرجاً، وما من عبد يعتصم بمخلوق دوني أعرف منه نيته إلا قطعت أسباب السماء من بين يديه، وأسخت الهواء من تحت قدميه ».
وأخرج الحاكم وصححه وتعقبه الذهبي عن ابن عمر قال :« قال رسول الله ﷺ : من طلب ما عند الله كانت السماء ظلاله، والأرض فراشه، لم يهتم بشيء من أمر الدنيا، فهو لا يزرع الزرع وهو يأكل الخبز، ولا يغرس الشجر ويأكل الثمار توكلاً على الله وطلب مرضاته، فضمن الله السموات والأرض رزقه، فهم يتعبون فيه، ويأتون به حلالاً، ويستوفي هو رزقه بغير حساب حتى أتاه اليقين »


الصفحة التالية
Icon