قال : ومن اللغو أيضاً أن يحلف الرجل على أمر لا يرى فيه الصدق وقد أخطأ في ظنه، فهذا الذي عليه الكفارة ولا إثم فيه.
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس ﴿ لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ﴾ قال : لغو اليمين أن تحرم ما أحل الله لك، فذلك ما ليس عليك فيه كفارة ﴿ ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم ﴾ قال : ما تعمدت قلوبكم فيه المأثم، فهذا عليك فيه الكفارة.
وأخرج وكيع وعبد الرزاق وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله ﴿ لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ﴾ قال : هو الرجل يحلف على المعصية يعني أن لا يصلي ولا يصنع الخير.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن أبي حاتم عن إبراهيم النخعي ﴿ لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ﴾ قال هو الرجل يحلف على الشيء ثم ينسى، فلا يؤاخذه الله به ولكن يكفّر.
وأخرج عبد بن حميد وأبو الشيخ من طريق قتادة عن سليمان بن يسار ﴿ لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ﴾ قال : الخطأ غير العمد.
وأخرج عبد بن حميد عن أبي قلابة في قول الرجل : لا والله، وبلى والله. قال : إنها لمن لغة العرب، ليست بيمين.
وأخرج عبد بن حميد عن إبراهيم ﴿ لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ﴾ قال : هو الرجل يحلف على الشيء يرى أنه صادق وهو كاذب، فذاك اللغو لا يؤاخذكم به ﴿ ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم ﴾ قال : يحلف على الشيء وهو يعلم أنه كاذب، فذاك الذي لا يؤاخذ به.
وأخرج ابن المنذر عن الضحاك قال : كان قوم حلفوا على تحريم الحلال فقالوا : أما إذ حلفنا وحرمنا على أنفسنا فإنه ينبغي لنا أن نبر. فقال الله ﴿ أن تبروا وتتقوا وتصلحوا بين الناس ﴾ [ البقر : ٢٢٤ ] ولم يجعل لها كفارة، فأنزل الله ﴿ يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك... قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم ﴾ [ التحريم : ١-٢ ] فأمر النبي عليه السلام بالكفارة لتحريم ما حرم على نفسه الجارية التي كان حرمها على نفسه، أمره أن يكفر يمينه ويعاود جاريته، ثم أنزل الله ﴿ لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ﴾.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله ﴿ والله غفور ﴾ يعني إذا جاوز اليمين التي حلف عليها ﴿ حليم ﴾ إذ لم يجعل فيها الكفارة، ثم نزلت الكفارة.


الصفحة التالية
Icon