وقال بعضهم : لا نريم حتى يأذن لنا النبي ﷺ فنزلت ﴿ منكم من يريد الدنيا ومنكم من يريد الآخرة ﴾ قال ابن جريج : قال ابن مسعود : ما علمنا أن أحداً من أصحاب النبي ﷺ كان يريد الدنيا وعرضها حتى كان يومئذ.
وأخرج أحمد وابن أبي شيبة وابن جرير وابن أبي حاتم والطبراني في الأوسط والبيهقي بسند صحيح عن ابن مسعود قال : ما كنت أرى أن أحداً من أصحاب رسول الله ﷺ يريد الدنيا حتى نزلت فينا يوم أحد ﴿ منكم من يريد الدنيا ومنكم من يريد الآخرة ﴾.
وأخرج ابن جرير عن الحسن في قوله ﴿ ثم صرفكم عنهم ﴾ قال : صرف القوم عنهم، فقتل من المسلمين بعدة من أسروا يوم بدر، وقتل عم رسول الله ﷺ، وكسرت رباعيته، وشج في وجهه فقالوا : أليس كان رسول الله ﷺ وعدنا النصر؟ فأنزل الله ﴿ ولقد صدقكم الله وعده ﴾ إلى قوله ﴿ ولقد عفا عنكم ﴾.
وأخرج ابن جرير عن الحسن في قوله ﴿ ولقد عفا عنكم ﴾ قال : يقول الله : قد عفوت عنكم إذ عصيتموني أن لا أكون استأصلتكم، ثم يقول الحسن : هؤلاء مع رسول الله ﷺ، وفي سبيل الله، غضاب لله يقاتلون أعداء الله، نهوا عن شيء فضيعوه، فوالله ما تركوا حتى غموا بهذا الغم، قتل منهم سبعون، وقتل عم رسول الله ﷺ، وكسرت رباعيته، وشج وجهه، فأفسق الفاسقين اليوم يتجرأ على كل كبيرة، ويركب كل داهية، ويسحب عليها ثيابه، ويزعم أن لا بأس عليه فسوف يعلم.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن جريج في قوله ﴿ ولقد عفا عنكم ﴾ قال : إذ لم يستأصلكم.
وأخرج البخاري عن عثمان بن موهب قال :« جاء رجل إلى ابن عمر فقال : إني سائلك عن شيء فحدثني أنشدك بحرمة هذا البيت. أتعلم أن عثمان بن عفان فر يوم أحد؟ قال : نعم. قال : فتعلمه تغيب عن بدر فلم يشهدها؟ قال : نعم. قال : فتعلم أنه تخلف عن بيعة الرضوان فلم يشهدها؟ قال : نعم. فكبر فقال ابن عمر : تعال لأخبرك، ولأبين لك عما سألتني عنه. أما فراره يوم أحد فاشهد أن الله عفا عنه. وأما تغيبه عن بدر فإنه تحته بنت النبي ﷺ وكانت مريضة فقال له رسول الله ﷺ » إن لك أجر رجل وسهمه «. وأما تغيبه عن بيعة الرضوان فلو كان أحد أعز ببطن مكة من عثمان لبعثه مكانه، فبعث عثمان فكانت بيعة الرضوان بعدما ذهب عثمان إلى مكة، فقال النبي ﷺ بيده اليمنى، فضرب بها على يده فقال » هذه يد عثمان اذهب بها الآن معك « ».