فجاء الشيطان فخوف أولياءه فقال ﴿ إن الناس قد جمعوا لكم ﴾ فأبى الناس أن يتبعوه فقال : إني ذاهب وإن لم يتبعني أحد. فانتدب معه أبو بكر، وعمر، وعلي، وعثمان، والزبير، وسعد، وطلحة، وعبد الرحمن بن عوف، وعبد الله بن مسعود، وحذيفة بن اليمان، وأبو عبيدة بن الجراح؛ في سبعين رجلاً، فساروا في طلب أبي سفيان، فطلبوه حتى بلغوا الصفراء، فأنزل الله ﴿ الذين استجابوا لله والرسول... ﴾ الآية.
وأخرج النسائي وابن أبي حاتم والطبراني بسند صحيح من طريق عكرمة عن ابن عباس قال : لما رجع المشركون عن أحد قالوا : لا محمداً قتلتم، ولا الكواعب أردفتم. بئسما صنعتم ارجعوا. فسمع رسول الله ﷺ بذلك، فندب المسلمين فانتدبوا حتى بلغ حمراء الأسد؛ أو بئر أبي عنبة، شك سفيان فقال المشركون : نرجع قابل. فرجع رسول الله ﷺ، فكانت تعد غزوة. فأنزل الله ﴿ الذين استجابوا لله والرسول... ﴾ الآية. وقد كان أبو سفيان قال للنبي ﷺ : موعدكم موسم بدر حيث قتلتم أصحابنا، فأما الجبان فرجع، وأما الشجاع فأخذ أهبة القتال والتجارة. فأتوه فلم يجدوا به أحد وتسوقوا. فأنزل الله ﴿ فانقلبوا بنعمة من الله وفضل... ﴾ الآية.
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن عكرمة قال : خرج رسول الله ﷺ إلى بدر الصغرى وبهم الكلوم، خرجوا لموعد أبي سفيان فمر بهم أعرابي، ثم مر بأبي سفيان وأصحابه وهو يقول :
ونفرت من رفقتي محمد | وعجوة منثورة كالعنجد |
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن قال « إن أبا سفيان وأصحابه أصابوا من المسلمين ما أصابوا ورجعوا فقال رسول الله ﷺ : إن أبا سفيان قد رجع وقد قذف الله في قلبه الرعب فمن ينتدب في طلبه؟ فقام النبي ﷺ، وأبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وأناس من أصحاب النبي ﷺ. فتبعوهم، فبلغ أبا سفيان أن النبي ﷺ يطلبه، فلقي عيراً من التجار فقال : ردوا محمداً ولكم من الجعل كذا وكذا... وأخبروهم أني قد جمعت لهم جموعاً، وإني راجع إليهم. فجاء التجار فأخبروا بذلك النبي ﷺ، فقال النبي ﷺ : حسبنا الله. فأنزل الله ﴿ الذين استجابوا لله والرسول.... ﴾ الآية ».
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن جريج قال