وأما قوله ﴿ وكان الله ﴾ فإن الله كان ولم يزل كذلك، وهو كذلك ﴿ عزيز حكيم ﴾ ﴿ عليم قدير ﴾ ثم لم يزل كذلك، فما اختلف عليك من القرآن فهو يشبه ما ذكرت لك، وأن الله لم ينزل شيئاً إلا وقد أصاب به الذي أراد ولكن أكثر الناس لا يعلمون.
وأخرج ابن جرير من طريق جويبر عن الضحاك أن نافع بن الأزرق أتى ابن عباس فقال : يا ابن عباس قول الله ﴿ يومئذ يود الذين كفروا وعصوا الرسول لو تسوّى بهم الأرض ولا يكتمون الله حديثاً ﴾ وقوله ﴿ والله ربنا ما كنا مشركين ﴾ [ الأنعام : ٢٣ ] فقال له ابن عباس : إني أحسبك قمت من عند أصحابك فقلت : ألقي على ابن عباس متشابه القرآن، فإذا رجعت إليهم فأخبرهم أن الله جامع الناس يوم القيامة في بقيع واحد. فيقول المشركون : إن الله لا يقبل من أحد شيئاً إلا ممن وَحَّدَهُ. فيقولون : تعالوا نقل. فيسألهم فيقولون ﴿ والله ربنا ما كنا مشركين ﴾ [ الأنعام : ٢٣ ] فيختم على أفواههم وتستنطق به جوارحهم، فتشهد عليهم أنهم كانوا مشركين، فعند ذلك تمنوا لو أن الأرض سوّيت بهم ولا يكتمون الله حدثياً.
وأخرج ابن أبي حاتم والحاكم عن حذيفة قال :« أتي بعبد آتاه الله مالاً فقال له : ماذا عملت في الدنيا - ولا يكتمون الله حديثاً - فقال : ما عملت من شيء يا رب إلا أنك آتيتني مالاً فكنت أبايع الناس، وكان من خلقي أن أنظر المعسر قال الله : أنا أحق بذلك منك تجاوزوا عن عبدي. فقال أبو مسعود الأنصاري : هكذا سمعت من في رسول الله ﷺ ».
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس ﴿ ولا يكتمون الله حديثاً ﴾ قال : بجوارحهم.