وأخرج ابن سعد عن إبراهيم التيمي عن أبيه قال : قال أسامة بن زيد : لا أقاتل رجلاً يقول لا إله إلا الله أبداً. فقال سعد بن مالك : وأنا - والله - لا أقاتل رجلاً يقول لا إله إلا الله أبداً. فقال لهما رجل : ألم يقل الله ﴿ وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله ﴾ [ البقرة : ١٩٣ ] فقالا : قد قاتلنا حتى لم تكن فتنة وكان الدين كله لله.
وأخرج ابن سعد وابن أبي شيبة وأحمد والنسائي عن عقبة بن مالك الليثي قال :« بعث رسول الله ﷺ سرية، فغارت على قوم، فأتبعه رجل من السرية شاهراً فقال الشاذ من القوم : إني مسلم، فلم ينظر فيما قال فضربه فقتله، فنمي الحديث إلى رسول الله ﷺ، فقال فيه قولاً شديداً، فبلغ القاتل. فبينا رسول الله ﷺ يخطب إذ قال القاتل : والله ما قال الذي قال إلا تعوّذاً من القتل. فأعرض رسول الله ﷺ عنه وعمن قبله من الناس، وأخذ في خطبته ثم قال أيضاً : يا رسول الله ما قال الذي قال إلا تعوّذاً من القتل. فأعرض عنه وعمن قبله من الناس، وأخذ في خطبته ثم لم يصبر فقال الثالثة : والله يا رسول الله ما قال الذي قال إلا تعوّذاً من القتل. فأقبل رسول الله ﷺ تعرف المساءة في وجهه فقال : إن الله أبى عليّ لمن قتل مؤمناً ثلاث مراراً ».
وأخرج الشافعي وابن أبي شيبة والبخاري ومسلم وأبو داود والنسائي والبيهقي في الأسماء والصفات عن المقداد بن الأسود قال : قلت « يا رسول الله أرأيت إن اختلفت أنا ورجل من المشركين بضربتين فقطع يدي، فلما علوته بالسيف قال : لا إله إلا الله أضربه أم أدعه؟ قال : بل دعه. قلت : قطع يدي! قال : إن ضربته بعد أن قالها فهو مثلك قبل أن تقتله، وأنت مثله قبل أن يقولها ».
وأخرج الطبراني عن جندب البجلي قال « إني لعند رسول الله ﷺ حين جاءه بشير من سريته، فأخبره بالنصر الذي نصر الله سريته، وبفتح الله الذي فتح لهم. قال : يا رسول الله بينا نحن نطلب القوم وقد هزمهم الله تعالى، إذ لحقت رجلاً بالسيف، فلما خشي أن السيف واقعه، وهو يسعى ويقول : إني مسلم، إني مسلم. قال : فقتلته... ؟ فقال : يا رسول الله إنما تعوّذ. فقال : فهلا شققت عن قلبه فنظرت أصادق هو أم كاذب؟! فقال : لو شققت عن قلبه ما كان علمي هل قلبه إلا مضغة من لحم! قال : لا ما في قلبه تعلم ولا لسانه صدقت قال : يا رسول الله استغفر لي. قال : لا أستغفر لك. فمات ذلك الرجل، فدفنوه فأصبح على وجه الأرض، ثم دفنوه فأصبح على وجه الأرض ثلاث مرات، فلما رأوا ذلك استحيوا وخزوا مما لقي، فاحتملوه فألقوه في شعب من تلك الشعاب ».


الصفحة التالية
Icon