أن رجلاً من بني عبس يقال له خالد بن سنان قال لقومه : إني أطفئ عنكم نار الحدثان. فقال له عمارة بن زياد رجل من قومه. والله ما قلت لنا يا خالد قط إلا حقاً، فما شأنك وشأن نار الحدثان تزعم أنك تطفئها؟! قال : فانطلق وانطلق معه عمارة في ثلاثين من قومه حتى أتوها، وهي تخرج من شن جبل من حرة يقال لها حرة أشجع، فخط لهم خالد خطة فاجلسهم فيها، فقال : إن أبطأت عليكم فلا تدعوني باسمي، فخرجت كأنها خيل شقر يتبع بعضها بعضاً، فاستقبلها خالد فجعل يضربها بعصاه وهو يقول : بدا بدا بدا كل هدي، زعم ابن راعية المعزى أني لا أخرج منها وثيابي تندى حتى دخل معها الشق فابطأ عليهم فقال عمارة : والله لو كان صاحبكم حياً لقد خرج إليكم. فقالوا : إنه قد نهانا أن ندعوه باسمه قال : فقال : فادعوه باسمه - فوالله - لو كان صاحبكم حياً لقد خرج إليكم، فدعوه باسمه فخرج إليهم برأسه فقال : ألم أنهكم أن تدعوني باسمي - قد والله - قتلتموني فادفنوني، فإذا مرت بكم الحمر فيها حمار ابتر فانبشوني، فإنكم ستجدوني حياً. فدفنوه فمرت بهم الحمر فيها حمار ابتر، فقالوا : انبشوه فإنه أمرنا أن ننبشه. فقال لهم عمارة : لا تحدث مضر اننا ننبش موتانا، والله لا تنبشوه أبداً، وقد كان خالد أخبرهم أن في عكن امرأته لوحين، فإذا أشكل عليكم أمر فانظروا فيهما، فإنكم سترون ما تساءلون عنه، وقال : لا تمسها حائض، فلما رجعوا إلى امرأته سألوها عنهما فأخرجتهما وهي حائض، فذهب ما كان فيهما من علم، وقال أبو يونس : قال سماك بن حرب : سئل عنه النبي ﷺ فقال :« ذاك نبي أضاعه قومه، وإن ابنه أتى النبي ﷺ فقال : مرحباً بابن أخي قال الحاكم : صحيح على شرط البخاري، فإن أبا يونس هو حاتم بن أبي صغيرة، وقال الذهبي منكر ».
وأخرج ابن سعد والزبير بن بكار في الموفقيات وابن عساكر عن الكلبي قال : أوّل نبي بعثه الله في الأرض ادريس، وهو اخنوخ بن يرد، وهو يارد بن مهلاييل بن قينان بن أنوش بن شيث بن آدم، ثم انقطعت الرسل حتى بعث نوح بن لمك بن متوشلخ بن اخنوخ بن يارد، وقد كان سام بن نوح نبياً، ثم انقطعت الرسل حتى بعث الله إبراهيم نبياً، وهو إبراهيم بن تارح وتارح هو آزر بن ناحور بن شاروخ بن ارغو بن فالغ، وفالغ هو فالخ وهو الذي قسم الأرض ابن عابر بن شالخ بن أرفخشد بن سام بن نوح، ثم إسماعيل بن إبراهيم فمات بمكة ودفن بها، ثم إسحاق بن إبراهيم مات بالشام، ولوط بن هاران بن تاريح وإبراهيم عمه هو ابن أخي إبراهيم، ثم إسرائيل، وهو يعقوب بن إسحاق، ثم يوسف بن يعقوب، ثم شعيب بن بوبب ابن عنقاء بن مدين بن إبراهيم، ثم هود بن عبد الله بن الخلود بن عاد بن عوص بن أرم بن سام بن نوح، ثم صالح بن آسف بن كماشج بن اروم بن ثمود بن جابر بن ارم بن سام بن نوح، ثم موسى وهارون ابنا عمران بن فاهت ابن لاوي بن يعقوب، ثم أيوب بن رازخ بن أمور بن ليغزر بن العيص، ثم داود بن ايشا بن عويد بن ناخر بن سلمون بن بخشون بن عنادب بن رام ابن خصرون بن يهود بن يعقوب، ثم سليمان بن داود، ثم يونس بن متى من سبط بنيامين بن يعقوب، ثم اليسع من سبط روبيل بن يعقوب، والياس بن بشير بن العاذر بن هارون بن عمران، وذا الكفل اسمه عويدياً من سبط يهود بن يعقوب، وبين موسى بن عمران وبين مريم بنت عمران أم عيسى ألف سنة وسبعمائة سنة، وليسا من سبط، ثم محمد ﷺ، وكل نبي ذكر في القرآن من ولد إبراهيم غير إدريس، ونوح، ولوط، وهود، وصالح، ولم يكن من العرب أنبياء إلا خمسة : هود، وصالح، وإسماعيل، وشعيب، ومحمد، وإنما سموا عرباً لأنه لم يتكلم أحد من الأنبياء بالعربية غيرهم، فلذلك سموا عرباً.


الصفحة التالية
Icon