قالوا : فإنه يولد فينا أولاد صغار فما نكسوهم؟ قال : الثوب الصغير يشب معه. قالوا : فمن أين لنا الماء؟ قال : يأتيكم به الله. فأمر الله موسى أن يضرب بعصاه الحجر قالوا : فما نبصر تغشانا الظلمة، فضرب له عموداً من نور في وسط عسكره أضاء عسكره كله. قالوا : فبم نستظل؟ الشمس علينا شديدة، قال : يظلكم الله تعالى بالغمام.
وأخرج ابن جرير عن الربيع بن أنس قال : ظلل عليهم الغمام في التيه قدر خمسة فراسخ أو ستة، كلما أصبحوا ساروا غادين، فإذا امسوا إذا هم في مكانهم الذي ارتحلوا منه، فكانوا كذلك أربعين سنة، وهم في ذلك ينزل عليهم المن والسلوى ولا تبلى ثيابهم، ومعهم حجر من حجارة الطور يحملونه معهم، فإذا نزلوا ضربه موسى بعصاه، فانفجرت منه اثنتا عشرة عيناً.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال : خلق لهم في التيه ثياب لا تخلق ولا تذوب.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر عن طاوس قال : كانت بنو إسرائيل إذا كانوا في تيهم تشب معهم ثيابهم إذا شبوا.
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن قال : لما استسقى موسى لقومه أوحى الله إليه : أن اضرب بعصاك الحجر فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا، فقال لهم موسى : ردوا معشر الحمير. فأوحى الله إليه : قلت لعبادي معشر الحمير، وإني قد حرمت عليكم الأرض المقدسة؟. قال : يا رب فاجعل قبري منها قذفة حجر. فقال رسول الله ﷺ « لو رأيتم قبر موسى لرأيتموه من الأرض المقدسة قذفة بحجر ».
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد قال : لما استسقى لقومه فسقوا قال : اشربوا يا حمير. فنهاه عن ذلك، وقال : لا تدعُ عبادي يا حمير.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس في قوله ﴿ فلا تأس ﴾ قال : لا تحزن.
وأخرج الطستي في مسائله عن ابن عباس ان نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قوله تعالى ﴿ فلا تَأْسَ ﴾ قال : لا تحزن. قال : وهل تعرف العرب ذلك؟ قال : نعم، أما سمعت امرؤ القيس وهو يقول :

وقوفاً بها صحبي عليّ مطيهم يقولون لا تهلك أسى وتجمَّل
وأخرج عبد الرزاق في المصنف والحاكم وصححه عن أبي هريرة : سمعت رسول الله ﷺ يقول :« إن نبياً من الأنبياء قاتل أهل مدينة، حتى إذا كاد أن يفتحها خشي أن تغرب الشمس فقال : أيتها الشمس إنك مأمورة وأنا مأمور، بحرمتي عليك إلا وقفت ساعة من النهار. قال : فحبسها الله تعالى حتى افتتح المدينة، وكانوا إذا أصابوا الغنائم قربوها في القربان فجاءت النار فأكلتها، فلما أصابوا وضعوا القربان فلم تجئ النار تأكله. فقالوا : يا نبي الله، ما لنا لا يقبل قرباننا؟! قال : فيكم غلول. قالوا : وكيف لنا أن نعلم من عنده الغلول؟ قال : وهم اثنا عشر سبطاً قال : يبايعني رأس كل سبط منكم، فبايعه رأس كل سبط، فلزقت كفه بكف رجل منهم فقالوا له : عندك الغلول. فقال : كيف لي أن أعلم؟ قال تدعو سبطك فتبايعهم رجلاً رجلاً، ففعل، فلزقت كفه بكف رجل منهم قال : عندك الغلول. قال : نعم، عندي الغلول. قال : وماهو؟ قال : رأس ثور من ذهب أعجبني فغللته، فجاء به فوضعه في الغنائم، فجاءت النار فأكلته »


الصفحة التالية
Icon