قال : وكان هذا القول ذكر لابن عمر، فأنكر أن تكون نزلت معاتبة، وقال : بل كانت عقوبة ذلك النفر بأعيانهم، ثم نزلت هذه الآية في عقوبة غيرهم ممن حارب بعدهم فرفع عنه السمل.
وأخرج البيهقي في سننه عن محمد بن عجلان عن أبي الزناد « أن رسول الله ﷺ لما قطع الذين أخذوا لقاحه وسمل أعينهم، عاتبه الله في ذلك، فأنزل الله ﴿ إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله.. ﴾ الآية ».
وأخرج الشافعي في الأم وعبد الرزاق والفريابي وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي عن ابن عباس في قوله ﴿ إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله.. ﴾ الآية. قال : إذا خرج المحارب فأخذ المال ولم يقتل يقطع من خلاف، واذا خرج فقتل ولم يأخذ المال قتل، وإذا خرج فقتل وأخذ المال قتل وصلب، واذا خرج فأخاف السبيل ولم يأخذ المال ولم يقتل نفي.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم والنحاس في ناسخه عن ابن عباس في قوله ﴿ إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله.. ﴾ الآية. قال : من شهر السلاح في قبة الإسلام، وأفسد السبيل وظهر عليه وقدر فإمام المسلمين مخيَّر فيه، إن شاء قتله، وإن شاء صلبه، وإن شاء قطع يده ورجله، قال ﴿ أو ينفوا من الأرض ﴾ يهربوا يخرجوا من دار الإسلام إلى دار الحرب.
وأخرج أبو داود والنسائي والنحاس في ناسخه والبيهقي، عن عائشة أن النبي ﷺ قال « لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث خصال : زان محصن يرجم، ورجل قتل متعمداً فيقتل، ورجل خرج من الإسلام فحارب، فيقتل أو يصلب أو ينفى من الأرض ».
وأخرج الخرائطي في مكارم الأخلاق عن ابن عباس « أن قوماً من عرينة جاؤوا إلى النبي ﷺ فأسلموا وكان منهم مواربة قد شلت أعضاؤهم، واصفرت وجوههم، وعظمت بطونهم، فأمرهم النبي ﷺ إلى إبل الصدقة يشربوا من أبوالها وألبانها، فشربوا حتى صحوا وسمنوا، فعمدوا إلى راعي النبي ﷺ فقتلوه واستاقوا الإبل، وارتدوا عن الإسلام، وجاء جبريل فقال : يا محمد ابعث في آثارهم، فبعث ثم قال : ادع بهذا الدعاء : اللهم إن السماء سماؤك، والأرض أرضك، والمشرق مشرقك، والمغرب مغربك، اللهم ضيق من مسك حمل حتى تقدرني عليهم. فجاؤوا بهم، فأنزل الله تعالى ﴿ إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله.. ﴾ الآية. فأمره جبريل أن من أخذ المال وقتل يصلب، ومن قتل ولم يأخذ المال يقتل، ومن أخذ المال ولم يقتل تقطع يده ورجله من خلاف، وقال ابن عباس هذا الدعاء : لكل آبق، ولكل من ضلت له ضالة من انسان وغيره، يدعو هذا الدعاء، ويكتب في شيء ويدفن في مكان نظيف إلا قدره الله عليه ».


الصفحة التالية
Icon