فأتوه فقالوا : يا محمد. هذا رجل قد زنى بعد إحصانه بامرأة قد أحصنت، فاحكم فيهما فقد وليناك الحكم فيهما، فمشى رسول الله ﷺ حتى أتى أحبارهم في بيت المدراس فقال : يا معشر يهود، أخرجوا إليَّ علماءكم، فأخرجوا إليه عبد الله بن صوريا، وياسر بن أخطب، ووهب بن يهودا، فقالوا : هؤلاء علماؤنا. فسألهم رسول الله ﷺ، ثم حصل أمرهم إلى أن قالوا لعبد الله بن صوريا : هذا أعلم من بقي بالتوراة، فخلا رسول الله ﷺ به وشدد المسألة وقال : يا ابن صوريا، أنشدك الله وأذكرك أيامه عند بني إسرائيل، هل تعلم أن الله حكم فيمن زنى بعد إحصانه بالرجم في التوراة؟ فقال : اللهم نعم، أما والله يا أبا القاسم، إنهم ليعرفون أنك مرسل ولكنهم يحسدونك، فخرج رسول الله ﷺ، فأمر بهما فرجما عند باب المسجد، ثم كفر بعد ذلك ابن صوريا وجحد نبوّة رسول الله ﷺ، فأنزل الله ﴿ يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر ﴾ الآية «.
وأخرج عبد الرزاق وأحمد وعبد بن حميد وأبو داود وابن جرير وابن أبي حاتم والبيهقي في الدلائل عن أبي هريرة قال » أول مرجوم رجمه رسول الله ﷺ من اليهود، زنى رجل منهم وامرأة، فقال بعضهم لبعض : اذهبوا بنا إلى هذا النبي فإنه نبي بعث بتخفيف، فإن أفتانا بفتيا دون الرجم قبلناها واحتججنا بها عند الله، وقلنا : فتيا نبي من أنبيائك. قال : فأتوا النبي ﷺ وهو جالس في المسجد وأصحابه، فقالوا : يا أبا القاسم ما ترى في رجل وامرأة منهم زنيا؟ فلم يكلمه كلمة حتى أتى مدراسهم، فقام على الباب فقال : أنشدك الله الذي أنزل التوراة على موسى، ما تجدون في التوراة على من زنى إذا أحصن؟ قالوا يحمم ويجبه ويجلد، والتجبية أن يحمل الزانيان على حمار، ويقابل أقفيتهما، ويطاف بهما، وسكت شاب، فلما رآه النبي ﷺ سكت، ألظ النشدة فقال : اللهم نشدتنا فإنا نجد في التوراة الرجم، ثم زنى رجل في أسرة من الناس، فأراد رجمه فحال قومه دونه، وقالوا : والله ما نرجم صاحبنا حتى تجيء بصاحبك فترجمه، فاصطلحوا بهذه العقوبة بينهم. قال النبي ﷺ : فإني أحكم بما في التوراة، فأمر بهما فرجما. قال الزهري : فبلغنا أن هذه الآية نزلت فيهم ﴿ إنا أنزلنا التوراة فيها هدى ونور يحكم بها النبيون الذين أسلموا ﴾ [ المائدة : ٤٤ ] فكان النبي ﷺ منهم «.
وأخرج أحمد ومسلم وأبو داود والنسائي والنحاس في ناسخه وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه عن البراء بن عازب قال :