وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن أبي حاتم والحاكم وصححه عن حذيفة أن هذه الآيات ذكرت عنده ﴿ ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون ﴾ والظالمون، والفاسقون، فقال رجل : ان هذا في بني إسرائيل. قال حذيفة : نعم الأخوة لكم بنو إسرائيل، إن كان لكم كل حلوة ولهم كل مرة، كلا والله لتسلكن طريقهم قدر الشراك.
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس قال : نعم القوم أنتم إن كان ما كان من حُلو فهو لكم، وما كان من مُر فهو لأهل الكتاب، كأنه يرى أن ذلك في المسلمين ﴿ ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون ﴾.
وأخرج عبد بن حميد وأبو الشيخ عن أبي مجلز ﴿ ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون ﴾ قال : نعم. قالوا ﴿ ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون ﴾ قال : نعم. قالوا : فهؤلاء يحكمون بما أنزل الله. قال : نعم، هو دينهم الذي به يحكمون، والذي به يتكلمون وإليه يدعون، فإذا تركوا منه شيئاً علموا أنه جور منهم، إنما هذه اليهود والنصارى والمشركون الذين لا يحكمون بما أنزل الله.
وأخرج عبد بن حميد عن حكيم بن جبير قال : سألت سعيد بن جبير عن هذه الآيات في المائدة ﴿ ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون ﴾ ﴿ ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون ﴾، ﴿ ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون ﴾ فقلت : زعم قوم أنها نزلت على بني إسرائيل ولم تنزل علينا قال : اقرأ ما قبلها وما بعدها، فقرأت عليه فقال : لا، بل نزلت علينا، ثم لقيت مقسماً مولى ابن عباس، فسألته عن هذه الآيات التي في المائدة، قلت : زعم قوم أنها نزلت على بني إسرائيل ولم تنزل علينا. قال : إنه نزل على بني إسرائيل ونزل علينا، وما نزل علينا وعليهم فهو لنا ولهم، ثم دخلت على علي بن الحسين فسألته عن هذه الآيات التي في المائدة، وحدثته أني سألت عنها سعيد بن جبير ومقسماً قال : فما قال مقسم؟ فأخبرته بما قال. قال صدق، ولكنه كفر ليس ككفر الشرك، وفسق ليس كفسق الشرك، وظلم ليس كظلم الشرك، فلقيت سعيد بن جبير فأخبرته بما قال : فقال سعيد بن جبير لابنه : كيف رأيته، لقد وجدت له فضلاً عليك وعلى مقسم.
وأخرج سعيد بن منصور عن عمر قال : ما رأيت مثل من قضى بين إثنين بعد هذه الآيات.
وأخرج سعيد قال : استُعمل أبو الدرداء على القضاء، فأصبح يهينه. قال : تهينني بالقضاء وقد جعلت على رأس مهواة منزلتها أبعد من عدن وأبين، ولو علم الناس ما في القضاء لأخذوه بالدول رغبة عنه وكراهية له، ولو يعلم الناس ما في الأذان لأخذوه بالدول رغبة فيه وحرصاً عليه.