.. } الآية.
وأخرج ابن جرير عن إبراهيم النخعي في قوله ﴿ يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم ﴾ قال : كانوا حرموا الطيب واللحم، فأنزل الله هذا فيهم.
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر عن أبي قلابة قال « أراد أناس من أصحاب رسول الله ﷺ أن يرفضوا الدنيا، ويتركوا النساء ويترهَّبوا، فقام رسول الله ﷺ فغلظ فيهم المقاتلة، ثم قال : إنما هلك من كان قبلكم بالتشديد، شددوا على أنفسهم فشدد الله عليهم، فأولئك بقاياهم في الديار والصوامع، اعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً، وحجوا واعتمروا واستقيموا يستقم بكم. قال : ونزلت فيهم ﴿ يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم... ﴾ الآية ».
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير عن قتادة في قوله ﴿ لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم ﴾ قال : نزلت في أناس من أصحاب النبي ﷺ أرادوا أن يتخلوا من الدنيا ويتركوا النساء وتزهَّدوا، منهم علي بن أبي طالب وعثمان بن مظعون.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في قوله ﴿ يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم... ﴾ الآية. قال « ذكر لنا أن رجالاً من أصحاب النبي ﷺ رفضوا النساء واللحم، وأرادوا أن يتخذوا الصوامع، فلما بلغ ذلك رسول الله ﷺ قال : ليس في ديني ترك النساء واللحم، ولا اتخاذ الصوامع، » وخبرنا أن « ثلاثة نفر على عهد رسول الله ﷺ اتفقوا فقال أحدهم أما أنا فأقوم الليل لا أنام، وقال أحدهم : أما أنا فأصوم النهار فلا أفطر، وقال الآخر : أما أنا فلا آتي النساء، فبعث رسول الله ﷺ إليهم فقال : ألم أنبأ إنكم اتفقتم على كذا وكذا؟ قالوا : بلى يا رسول الله، وما أردنا إلا الخير. قال : لكني أقوم وأنام، وأصوم وأفطر، وآتي النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني، » وكان في بعض القراءة في الحرف الأول : من رغب عن سنتك فليس من أمتك، وقد ضل سواء السبيل.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير عن أبي عبد الرحمن قال : قال النبي ﷺ « لا آمركم أن تكونوا قسيسين ورهباناً ».
وأخرج ابن أبي جرير عن السدي قال « إن رسول الله ﷺ جلس يوماً فذكر الناس، ثم قام ولم يزدهم على التخويف، فقال ناس من أصحاب رسول الله ﷺ كانوا عشرة، منهم علي بن أبي طالب، وعثمان بن مظعون : ما حقنا أن لم نحدث عملاً، فإن النصارى قد حرَّموا على أنفسهم فنحن نحرم، فحرم بعضهم أكل اللحم والودك وأن يأكل منها، وحرم بعضهم النوم، وحرم بعضهم النساء، فكان عثمان بن مظعون ممن حرم النساء، وكان لا يدنو من أهله ولا يدنون منه، فأتت امرأته عائشة - وكان يقال لها الحولاء - فقالت لها عائشة ومن حولها من نساء النبي ﷺ : ما بالك يا حولاء متغيرة اللون لا تمتشطين ولا تتطيبين؟! فقالت : وكيف أتطيب وأمتشط وما وقع عليَّ زوجي ولا رفع عني ثوباً منذ كذا وكذا، فجعلن يضحكن من كلامها، فدخل رسول الله ﷺ وهن يضحكن، فقال : ما يضحككن؟ قالت : يا رسول الله، الحولاء سألتها عن أمرها فقالت : ما رفع عني زوجي ثوباً منذ كذا وكذا، فأرسل إليه فدعاه فقال : ما بالك يا عثمان؟، قال : إني تركته لله لكي أتخلى للعبادة، وقصَّ عليه أمره، وكان عثمان قد أراد أن يجب نفسه. فقال رسول الله ﷺ : أقسمت عليك إلا رجعت فواقعت أهلك، فقال : يا رسول الله إني صائم! قال : أفطر. قال : فأفطر وأتى أهله، فرجعت الحولاء إلى عائشة قد اكتحلت وامتشطت وتطيبت، فضحكت عائشة فقالت : مالك يا حولاء؟ فقالت : أنه أتاها أمس، فقال رسول الله ﷺ : ما بال أقوام حرموا النساء والطعام والنوم، ألا اني أنام وأقوم، وأفطر وأصوم، وأنكح النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني، فنزلت ﴿ يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم ولا تعتدوا ﴾ يقول لعثمان : لا تجب نفسك، فإن هذا هو الاعتداء، وأمرهم أن يكفروا أيمانهم فقال ﴿ لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ﴾ [ المائدة : ٨٩ ] الآية ».


الصفحة التالية
Icon