وأخرج عبد الرزاق وأبو عبيد وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والطبراني وابن مردويه والحاكم وصححه عن الشعبي. أن رجلاً من المسلمين حضرته الوفاة بدقوقاء، ولم يجد أحداً من المسلمين يشهد على وصيته، فأشهد رجلين من أهل الكتاب، فقدما الكوفة فأتيا أبا موسى الأشعري، فأخبراه وقدما بتركته ووصيته، فقال الأشعري : هذا أمر لم يكن بعد الذي كان في عهد النبي ﷺ. فأحلفهما بعد العصر بالله ما خانا ولا كذبا ولا بدَّلا ولا كتما ولا غيرا، وإنها وصية الرجل وتركته، فأمضى شهادتهما.
وأخرج ابن جرير عن زيد بن أسلم في قوله ﴿ شهادة بينكم ﴾ الآية. كلها قال : كان ذلك في رجل توفي وليس عنده أحد من أهل الإسلام، وذلك في أول الإسلام، والأرض حرب، والناس كفار، إلا أن رسول الله ﷺ وأصحابه بالمدينة، وكان الناس يتوارثون بينهم بالوصية، ثم نسخت الوصية وفرضت الفرائض وعمل المسلمون بها.
وأخرج ابن جرير عن الزبير قال : مضت السنة أن لا تجوز شهادة كافر في حضر ولا سفر، إنما هي في المسلمين.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال : هذه الآية منسوخة.
وأخرج عبد بن حميد وأبو الشيخ عن عكرمة ﴿ أو آخران من غيركم ﴾ قال : من المسلمين من غير حيه.
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد والنحاس وأبو الشيخ والبيهقي في سننه ﴿ إثنان ذوا عدل منكم ﴾ قال : من قبيلتكم ﴿ أو آخران من غيركم ﴾ قال : من غير قبيلتكم، ألا ترى أنه يقول ﴿ تحبسونهما من بعد الصلاة ﴾ كلهم من المسلمين.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق عقيل قال : سألت ابن شهاب عن هذه الآية قلت : أرأيت الاثنين اللَّذين ذكر الله من غير أهل المرء الموصي، أهما من المسلمين أو هما من أهل الكتاب؟ ورأيت الآخرين اللذين يقومان مقامهما، أتراهما من أهل المرء الموصي أم هما في غير المسلمين؟ قال ابن شهاب : لم نسمع في هذه الآية عن رسول الله ﷺ، ولا عن أئمة العامة سنة أذكرها، وقد كنا نتذاكرها أناساً من علمائنا أحياناً فلا يذكرون فيها سنة معلومة ولا قضاء من إمام عادل، ولكنه مختلف فيها رأيهم، وكان أعجبهم فيها رأيا إلينا الذين كانوا يقولون : هي فيما بين أهل الميراث من المسلمين، يشهد بعضهم الميت الذي يرثونه ويغيب عنه بعضهم، ويشهد من شهده على ما أوصى به لذوي القربى، فيخبرون من غاب عنه منهم بما حضروا من وصية، فإن سلموا جازت وصيته، وإن ارتابوا أن يكونوا بدلوا قول الميت وآثروا بالوصية من أرادوا ممن لم يوص لهم الميت بشيء، حلف اللذان يشهدان على ذلك بعد الصلاة، وهي أن المسلمين ﴿ يقسمان بالله إن ارتبتم لا نشتري به ثمناً ولو كان ذا قربى ولا نكتم شهادة الله إنا إذاً لمن الآثمين ﴾ فإذا أقسما على ذلك جازت شهادتهما وأيمانهما ما لم يعثر على أنهما استحقا إثماً في شيء من ذلك، قام آخران مقامهما من أهل الميراث من الخصم الذين ينكرون ما يشهد عليه الأولان المستحلفان أول مرة، فيقسمان بالله لشهادتنا على تكذيبكما أو إبطال ما شهدتما به، وما اعتدينا إنا إذاً لمن الظالمين.