وأخرج هناد وابن جرير وعبد بن حميد عن أبي سعيد قال : إذا دخل أهل الجنة الجنة نادى مناد : يا أهل الجنة إن لكم أن تحيوا فلا تموتوا أبداً، وإن لكم أن تنعموا فلا تيأسوا أبداً، وإن لكم أن تشبوا فلا تهرموا أبداً، وإن لكم أن تصحوا فلا تسقموا أبداً، فذلك قوله ﴿ ونودوا أن تلكم الجنة أورثتموها بما كنتم تعملون ﴾.
وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن السدي ﴿ ونودوا أن تلكم الجنة أورثتموها بما كنتم تعملون ﴾ قال : ليس من مؤمن ولا كافر إلا وله في الجنة والنار منزل مبين، فإذا دخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار ودخلوا منازلهم، رفعت الجنة لأهل النار فنظروا إلى منازلهم فيها، فقيل : هذه منازلكم لو عملتم بطاعة الله، ثم يقال : يا أهل الجنة رثوهم بما كنتم تعملون. فيقتسم أهل الجنة منازلهم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي معاذ البصري قال : قال النبي ﷺ « والذي نفسي بيده أنهم إذا خرجوا من قبورهم يستقبلون بنوق بيض لها أجنحة عليها رحال الذهب، شرك نعالهم نور يتلألأ، كل خطوة منها مد البصر، فينتهون إلى شجرة ينبع من أصلها عينان، فيشربون من إحداهما فتغسل ما في بطونهم من دنس، ويغتسلون من الأخرى فلا تشعث أبصارهم ولا أشعارهم بعدها أبداً، وتجري عليهم نضرة النعيم فينتهون إلى باب الجنة، فإذا حلقة من ياقوتة حمراء على صفائح الذهب، فيضربون بالحلقة على الصفحة فيسمع لها طنين، فيبلغ كل حوراء أن زوجها قد أقبل، فتبعث قَيِّمَهَا فيفتح له، فإذا رآه خرّ له ساجداً فيقول : ارفع رأسك إنما أنا قَيِّمُكَ وُكِّلْتُ بأمرك، فيتبعه ويقفو أثره، فيستخف الحوراء العجلة، فتخرج من خيام الدر والياقوت حتى تعتنقه، ثم تقول : أنت حبي وأنا حبك، وأنا الخالدة التي لا أموت، وأنا الناعمة التي لا أبأس، وأنا الراضية التي لا أسخط، وأنا المقيمة التي لا أظعن. فدخل بيتاً من رأسه إلى سقفه مائة ألف ذراع، بناؤه على جندل اللؤلؤ طرائق أصفر وأحمر وأخضر، ليس منها طريقة تشاكل صاحبتها، في البيت سبعون سريراً على كل سرير سبعون حشية، على كل حشية سبعون زوجة، على كل زوجة سبعون حلة يُرَى مخ ساقها من باطن الحلل، يقضي جماعها في مقدار ليلة من لياليكم، هذه الأنهار من تحتهم تطرد أنهاراً من ماء غير آسن، فإن شاء أكل قائماً، وإن شاء أكل قاعداً، وإن شاء أكل متكئاً. ثم تلا ﴿ ودانية عليهم ظلالها وَذُلِّلت قطوفها تذليلاً ﴾ [ الأعراف : ٨-٩ ] فيشتهي الطعام فيأتيه طير أبيض، فترفع أجنحتها فيأكل من جنوبها أي الألوان شاء، ثم تطير فتذهب، فيذهب الملك فيقول : سلام عليكم ﴿ تلكم الجنة أورثتموها بما كنتم تعملون ﴾ »


الصفحة التالية
Icon