وأخرج ابن أبي حاتم عن زيد بن أسلم : كان يرى أن الجهر بالدعاء الاعتداء.
وأخرج عبد بن حميد وأبو والشيخ عن قتادة ﴿ إن ربكم الله الذي خلق السماوات والأرض ﴾ إلى قوله ﴿ تبارك الله رب العالمين ﴾ قال : لما أنبأكم الله بقدرته وعظمته وجلاله، بيَّن لكم كيف تدعونه على تفئه ذلك فقال ﴿ ادعوا ربكم تضرعاً وخفية إنه لا يحب المعتدين ﴾ قال : تعلموا إن في بعض الدعاء اعتداء فاجتنبوا العدوان والاعتداء إن استطعتم ولا قوة إلا بالله. قال : وذكر لنا أن مجالد بن مسعود أخا بني سليم سمع قوماً يعجون في دعائهم، فمشى إليهم فقال : أيها القوم لقد أصبتم فضلاً على من كان قبلكم أو لقد هلكتم، فجعلوا يتسللون رجلاً رجلاً حتى تركوا بقعتهم التي كانوا فيها قال : وذكر لنا أن ابن عمر أتى على قوم يرفعون أيديهم فقال : ما يتناول هؤلاء القوم؟ فوالله لو كانوا على أطول جبل في الأرض ما ازدادوا من الله قرباً. قال قتادة : وإن الله إنما يتقرب إليه بطاعته، فما كان من دعائكم الله فليكن في سكينة، ووقار، وحسن سمت، وزي وهدي، وحسن دعة.
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وأبو داود وابن ماجة وابن حبان والحاكم والبيهقي عن عبد الله بن مغفل. أنه سمع ابنه يقول : اللهم إني أسألك القصر الأبيض عن يمين الجنة إذا دخلتها. فقال : أي بني سل الله الجنة وتعوّذ به من النار، فإني سمعت النبي ﷺ يقول « سيكون في هذه الأمة قوم يعتدون في الدعاء والطهور ».
وأخرج الطيالسي وابن أبي شيبة وأحمد وأبو داود وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه عن سعد بن أبي وقَّاص. أنه سمع ابناً له يدعو ويقول : اللهمَّ إني أسألك الجنة ونعيمها واستبرقها ونحو هذا، وأعوذ بك من النار وسلاسلها وأغلالها، فقال : لقد سألت الله خيراً وتعوّذت به من شر كثير، وإني سمعت رسول الله ﷺ يقول « إنه سيكون قوم يعتدون في الدعاء » وقرأ هذه الآية ﴿ ادعوا ربكم تضرعاً وخفية إنه لا يحب المعتدين ﴾ وأن بحسبك أن تقول : اللهم إني أسلك الجنة وما قرب إليها من قول أو عمل، وأعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول أو عمل.
وأخرج أبو الشيخ عن الربيع في الآية قال : إياك أن تسأل ربك أمراً قد نهيت عنه أو ما ينبغي لك.
وأخرج ابن المبارك وابن جرير وأبو الشيخ عن الحسن قال : لقد كان المسلمون يجتهدون في الدعاء وما يسمع لهم صوت إن كان إلا همساً بينهم وبين ربهم، وذلك أن الله يقول ﴿ ادعوا ربكم تضرعاً وخفية ﴾ وذلك أن الله ذكر عبداً صالحاً فرضي له قوله، فقال ﴿ إذ نادى ربه نداء خفياً ﴾ [ مريم : ٢ ].
وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن ابن جريج في الآية قال : إن من الدعاء اعتداء، يكره رفع الصوت والنداء والصياح بالدعاء، ويؤمر بالتضرع والاستكانة.