فكانوا كذلك يتوارثون الوصية بينهم، حتى إن كان الرجل ليحمل ولده على عاتقه، ثم يقف به وعليه فيقول : يا بني ان عشت ومت أنا فاحذروا هذا الشيخ، فلما طال ذلك به وبهم ﴿ قالوا : يا نوح قد جادلتنا فأكثرت جدالنا فأتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين ﴾ [ هود : ٣٢ ].
وأخرج ابن أبي حاتم وابن عساكر عن قتادة. أن نوحاً بعث من الجزيرة، وهوداً من أرض الشحر أرض مهرة، وصالحاً من الحجر، ولوطاً من سدوم، وشعيباً من مدين، ومات إبراهيم وآدم وإسحق ويوسف بأرض فلسطين، وقتل يحيى بن زكريا بدمشق.
وأخرج ابن عساكر عن مجاهد قال : كانوا يضربون نوحاً حتى يغشى عليه، فإذا أفاق قال : رب اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد في الزهد وأبو نعيم وابن عساكر من طريق مجاهد عن عبيد بن عمير قال : إن كان نوح ليضربه قومه حتى يغمى عليه، ثم يفيق فيقول : اهد قومي فإنهم لا يعلمون، وقال شقيق : قال عبد الله : لقد رأيت النبي ﷺ « وهو يمسح الدم عن وجهه وهو يحكي نبياً من الأنبياء وهو يقول : اللهمَّ اهد قومي فإنهم لا يعلمون ».
وأخرج ابن إسحق وابن أبي حاتم من وجه آخر عن عبيد بن عمير الليثي. نحوه.
وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة قال : كان قوم نوح يخنقونه حتى تترقى عيناه، فإذا تركوه قال : اللهمَّ اغفر لقومي فإنهم جهلة.
وأخرج عبد بن حميد والبخاري ومسلم وابن ماجة عن ابن مسعود قال « كأني أنظر إلى رسول الله ﷺ يحكي نبياً من الأنبياء قد ضربه قومه وهو يمسح الدم عن جبينه ويقول : اللهمَّ اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون ».
وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي في شعب الإِيمان عن أبي مهاجر الرقي قال : لبث نوح في قومه ألف سنة إلا خمسين عاماً في بيت من شعر، فيقال له : يا نبي الله ابن بيتا. فيقول : أموت اليوم أموت غداً.
وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي عن وهيب بن الورد قال : بنى نوح بيتاً من قصب فقيل له : لو بنيت غير هذا؟ فقال : هذا كثير لمن يموت.
وأخرج ابن أبي الدنيا والعقيلي وابن عساكر والديلمي عن عائشة مرفوعاً « نوح كبير الأنبياء، لم يخرج من خلاء فقط إلا قال : الحمد لله الذي أذاقني طعمه وأبقى في منفعته، وأخرج مني أذاه.
وأخرج البخاري في تاريخه عن ابن مسعود قال : بعث الله نوحاً فما أهلك أمته إلا الزنادقة، ثم نبي فنبي والله لا يهلك هذه الأمة إلا الزنادقة »
.


الصفحة التالية
Icon