﴿ إنما استزلهم الشيطان ببعض ما كسبوا ولقد عفا الله عنهم ﴾ [ آل عمران : ١٥٥ ] ثم كان يوم حنين بعد ذلك بسبع سنين فقال ﴿ ثم وليتم مدبرين ﴾ [ التوبة : ٢٥ ]. ﴿ ثم يتوب الله من بعد ذلك على من يشاء ﴾ [ التوبة : ٢٧ ].
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في قوله ﴿ ومن يولهم يومئذ دبره ﴾ قال : يعني يوم بدر خاصة منهزماً ﴿ إلا متحرفاً لقتال ﴾ يعني مستطرداً يريد الكرة على المشركين ﴿ أو متحيزاً إلى فئة ﴾ يعني أو ينحاز إلى أصحابه من غير هزيمة ﴿ فقد باء بغضب من الله ﴾ يقول : استوجب سخطاً من الله ﴿ ومأواه جهنم وبئس المصير ﴾ فهذا يوم بدر خاصة، كأن الله شدد على المسلمين يومئذ ليقطع دابر الكافرين، وهو أول قتال قاتل فيه المشركين من أهل مكة.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم عن الضحاك رضي الله عنه قال : المتحرف : المتقدم في أصحابه، إنه يرى غرة من العدو فيصيبها، والمتحيز : الفار إلى رسول الله ﷺ وأصحابه، وكذلك من فر اليوم إلى أميره وأصحابه قال : وإنما هذه وعيد من الله تعالى لأصحاب محمد ﷺ أن لا يفروا، وإنما كان النبي ﷺ ثبتهم.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وأبو الشيخ عن عطاء بن أبي رباح رضي الله عنه في قوله ﴿ ومن يولهم يومئذ دبره ﴾ قال : هذه منسوخة بالآية التي في الأنفال ﴿ الآن خفف الله عنكم ﴾ [ الأنفال : ٦٦ ].
وأخرج ابن جرير والنحاس في ناسخه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : الفرار من الزحف من الكبائر لأن الله تعالى قال ﴿ ومن يولهم يومئذ دبره إلا متحرفاً لقتال ﴾ الآية.
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : الفرار من الزحف من الكبائر.
وأخرج سعيد بن منصور وابن سعد وابن أبي شيبة وأحمد وعبد بن حميد والبخاري في الأدب المفرد واللفظ له وأبو داود والترمذي وحسنه وابن ماجة وابن المنذر وابن أبي حاتم والنحاس وأبو الشيخ وابن مردويه والبيهقي في شعب الإِيمان عن ابن عمر رضي الله عنهما قال :« كنا في غزاة، فحاص الناس حيصه قلنا : كيف نلقى النبي ﷺ وقد فررنا من الزحف وبؤنا بالغضب؟! فأتينا النبي ﷺ قبل صلاة الفجر، فخرج فقال » من القوم... ؟ فقلنا : نحن الفرارون. فقال : لا بل أنتم العكارون. فقبلنا يده فقال : أنا فئتكم وأنا فئة المسلمين، ثم قرأ ﴿ إلا متحرفاً لقتال أو متحيزاً إلى فئة ﴾ « ».
وأخرج ابن مردويه عن أمامة رضي الله عنها مولاة النبي ﷺ قالت : كنت أوضىء النبي ﷺ أفرغ على يديه، إذ دخل عليه رجل فقال : يا رسول الله أريد اللحوق بأهلي فأوصني بوصية أحفظها عنك.


الصفحة التالية
Icon